Cliquez ici pour modifier. الطريقة
اجتهد المولى عبد الله الشريف اجتهادا بالغا في أن يكون مبنى طريقته الصوفية قائما على السنة تجنبا لكل بدعة أو انزلاق عن الصراط القويم للشريعة الإسلامية، ومن هنا نجده في أقواله يحذر أتباعه من معانقة البدعة أو الحياد عن جادة الدين الإسلامي وتعاليمه التي اقرها القرآن الكريم، ورسمتها سنة الرسول وهكذا نجده يقرر: " من بدل أو غير، وأحدث في هذه الطريقة بدعة أو ضلالة ونسب إلى طريقنا هذه ما لا يوافق الكتاب أو السنة فالله سبحانه سائله ومحاسبه ومنتقم منه" .
وهذا يؤكد أن الطريقة الوزانية لا تندرج ضمن الطرق الصوفية المتطرفة التي تغالي في البدعة، وتحيد عن صراط الشريعة السمحاء، وإنما هي طريقة معتدلة، تقوم على تعاليم بسيطة، مستلهمة من روح الشريعة الإسلامية القويمة .
والطريقة الوزانية شاذلية في إطارها العام، والطريقة الشاذلية تتميز باعتدالها وتمسكها بالكتاب والسنة، والدعوة إلى الإخلاص، والتوبة، والفقر والحب، والخلوة والجهاد، والزهد والعبودية والطاعة والذكر والورع ويتصل سند مولاي عبد الله الشريف بالشاذلية عن طريق الجزولية التي وضعها محمد بن سليمان الجزولي المتوفى عام 870 هـ 1465 م وتنبني هي الأخرى على السنة ومجانبة البدعة والمداومة على الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، واتخاذ شيخ، والتأدب معه، ومحبة الله، والزهد وقلة النوم، والصبر وتحاشي الغضب، وتجنب الحقد.
وقد اخذ مولاي عبد الله الشريف الطريقة الصوفية الشاذلية عن سيدي علي بن احمد اللنجري عن أبي مهدي عيسى بن الحسن المصباحي، عن محمد بن علي بن مهدي الهروي الزمراني الطالب، عن عبد الله الغزواني، عن عبد العزيز بن عبد الحق الحرار الشهير بالتباع، عن سيدي محمد بن سليمان الجزولي، عن عبد الرحمان الشريف أمغار، عن عبد الرحمان الهرتاني، عن عبد الرحمان الرجراجي، عن أبي الفضل الهندي، عن أبي العباس أحمد عنوس البدوي، عن الإمام القرافي، عن عبد الله المغربي، عن الإمام أبي الحسن الشاذلي، عن الشيخ مولاي عبد السلام بن مشيش، عن أبي زيد عبد الرحمن التنايري، عن سيدي أبي بكر الشبلي، عن إمام الطريقة أبي القاسم الجنيد، عن أبي البقاء خالد السري السقطي، عن أبي معروف الكرخي، عن داود الطائي، عن حبيب العجمي، عن أبي الحسن البصري عن الإمام علي كرم الله وجهه، عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وتنبني الطريقة الوزانية على عدة أهداف صوفية تكمن الغاية منها تربية المريدين، وتهذيب طباعهم، وتعويدهم على الفضيلة الإسلامية الرفيعة، ويأتي في مقدمة ذلك حب الرسول صلى الله عليه وسلم، والإكثار من الصلاة عليه، لقول الشيخ سيدي محمد بن مولاي عبد الله الشريف: " ما نالت الرجال أعلى المقامات إلا بكثرة الصلاة على البني صلى الله عليه وسلم"، والأخوة في الله من أجل خلق توحد وانسجام بين مريدي الطريقة، لقول مولاي عبد الله الشريف:" فالواجب على المريد أن يحسن ظنه بشيخه وبإخوانه، وأن يوثرهم على نفسه ولو كان به خصاصة، ويظهر محاسنهم ويكتم مساويهم" ، وتعتمد الطريقة الوزانية على خمسة أصول أساسية لخصها المولى عبد الله الشريف بقوله: " أصول طريقتنا خمسة أشياء: تقوى الله في السر والعلانية، إتباع السنة في الأقوال والأفعال، الإعراض عن الخلق في الإقبال والإدبار، الرضى عن الله في القليل والكثير، الرجوع إلى الله في السراء والضراء".
اجتهد المولى عبد الله الشريف اجتهادا بالغا في أن يكون مبنى طريقته الصوفية قائما على السنة تجنبا لكل بدعة أو انزلاق عن الصراط القويم للشريعة الإسلامية، ومن هنا نجده في أقواله يحذر أتباعه من معانقة البدعة أو الحياد عن جادة الدين الإسلامي وتعاليمه التي اقرها القرآن الكريم، ورسمتها سنة الرسول وهكذا نجده يقرر: " من بدل أو غير، وأحدث في هذه الطريقة بدعة أو ضلالة ونسب إلى طريقنا هذه ما لا يوافق الكتاب أو السنة فالله سبحانه سائله ومحاسبه ومنتقم منه" .
وهذا يؤكد أن الطريقة الوزانية لا تندرج ضمن الطرق الصوفية المتطرفة التي تغالي في البدعة، وتحيد عن صراط الشريعة السمحاء، وإنما هي طريقة معتدلة، تقوم على تعاليم بسيطة، مستلهمة من روح الشريعة الإسلامية القويمة .
والطريقة الوزانية شاذلية في إطارها العام، والطريقة الشاذلية تتميز باعتدالها وتمسكها بالكتاب والسنة، والدعوة إلى الإخلاص، والتوبة، والفقر والحب، والخلوة والجهاد، والزهد والعبودية والطاعة والذكر والورع ويتصل سند مولاي عبد الله الشريف بالشاذلية عن طريق الجزولية التي وضعها محمد بن سليمان الجزولي المتوفى عام 870 هـ 1465 م وتنبني هي الأخرى على السنة ومجانبة البدعة والمداومة على الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، واتخاذ شيخ، والتأدب معه، ومحبة الله، والزهد وقلة النوم، والصبر وتحاشي الغضب، وتجنب الحقد.
وقد اخذ مولاي عبد الله الشريف الطريقة الصوفية الشاذلية عن سيدي علي بن احمد اللنجري عن أبي مهدي عيسى بن الحسن المصباحي، عن محمد بن علي بن مهدي الهروي الزمراني الطالب، عن عبد الله الغزواني، عن عبد العزيز بن عبد الحق الحرار الشهير بالتباع، عن سيدي محمد بن سليمان الجزولي، عن عبد الرحمان الشريف أمغار، عن عبد الرحمان الهرتاني، عن عبد الرحمان الرجراجي، عن أبي الفضل الهندي، عن أبي العباس أحمد عنوس البدوي، عن الإمام القرافي، عن عبد الله المغربي، عن الإمام أبي الحسن الشاذلي، عن الشيخ مولاي عبد السلام بن مشيش، عن أبي زيد عبد الرحمن التنايري، عن سيدي أبي بكر الشبلي، عن إمام الطريقة أبي القاسم الجنيد، عن أبي البقاء خالد السري السقطي، عن أبي معروف الكرخي، عن داود الطائي، عن حبيب العجمي، عن أبي الحسن البصري عن الإمام علي كرم الله وجهه، عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وتنبني الطريقة الوزانية على عدة أهداف صوفية تكمن الغاية منها تربية المريدين، وتهذيب طباعهم، وتعويدهم على الفضيلة الإسلامية الرفيعة، ويأتي في مقدمة ذلك حب الرسول صلى الله عليه وسلم، والإكثار من الصلاة عليه، لقول الشيخ سيدي محمد بن مولاي عبد الله الشريف: " ما نالت الرجال أعلى المقامات إلا بكثرة الصلاة على البني صلى الله عليه وسلم"، والأخوة في الله من أجل خلق توحد وانسجام بين مريدي الطريقة، لقول مولاي عبد الله الشريف:" فالواجب على المريد أن يحسن ظنه بشيخه وبإخوانه، وأن يوثرهم على نفسه ولو كان به خصاصة، ويظهر محاسنهم ويكتم مساويهم" ، وتعتمد الطريقة الوزانية على خمسة أصول أساسية لخصها المولى عبد الله الشريف بقوله: " أصول طريقتنا خمسة أشياء: تقوى الله في السر والعلانية، إتباع السنة في الأقوال والأفعال، الإعراض عن الخلق في الإقبال والإدبار، الرضى عن الله في القليل والكثير، الرجوع إلى الله في السراء والضراء".
Cliquez ici pour modifier. الأوراد
للذكر حضور كبير في الطريقة الوزانية، وهو علامة الإندماج فيها من طرف المريد، ويتخذ شكل آيات قرآنية وأدعية تقوم على التسبيح والاستغفار والحمدلة والحوقلة والهيللة: يتردد فيها اسم الله بقصد تقديسه وتعظيمه والإكثار من ذكره، لما في ذلك من اجر وثواب، وتنقسم أذكار الزاوية الوزانية إلى أحزاب وأوراد لها عدد مخصوص وزمن محدد.
وتتأسس أوراد الزاوية الوزانية على مجموعة من الصيغ التعبيرية الرامية إلى استغفار الله، وتسبيحه وتمجيده، والصلاة على نبيه، مع تلاوة بعض الآيات القرآنية التي تحتوي على أساليب التسبيح والهيللة والاستغفار .
وهكذا فإن الطريقة الصوفية الوزانية تشترط على المريد الصوفي المعتنق لها أن يقرأ" أستغفرالله العظيم إن الله غفور رحيم" مائة مرة صباحا ومساء " سبحان الله وبحمده" مائة مرة صباحا ومساء، و " اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي و على أله وصحبه و سلم" مائة مرة صباحا ومساء، و" اللهم صل على سيدنا محمد وأزواجه وذريته" خمسين مرة في الصباح. و" لا اله إلا الله " مائة مرة صباحا ومساء، و" لا اله إلا الله سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله" إحدى عشر مرة بعد كل صلاة مفروضة.
وللشيخ سيدي الحاج عبد السلام الوزاني ورد خاص به كان يلقنه لأتباعه، فورده هذا يقوم على الافتتاح بالاستعادة والبسملة وقراءة الآية الكريمة " وما تقدموا لأنفسكم من خير... غفور رحيم" مرة واحدة، وقراءة " استغفر الله إن الله غفور رحيم" مائة مرة أو ألف، قراءة الآية الكريمة " سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون... تخرجون" مرة واحدة، وقراءة سبحان الله وبحمده" مائة أو ألف مرة، وتلاوة الآية الكريمة إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما" مائة مرة أو ألف، وتلاوة الآية الشريفة: " فاعلم أن لا إله إلا الله: مرة واحدة، وقراءة " لا اله إلا الله" مائة مرة وألف، وقراءة:" اللهم صل على سيدنا محمد وأزواجه وذريته" خمسين مرة في الصباح فحسب.
فهذه الأوراد كما يبدو جاءت منسجمة مع روح الطريقة الوزانية كما قعد لها مولاي عبد الله الشريف الوزاني، ومتلائمة مع الأصول الخمسة التي تمت الإشارة إليها قبل قليل، ومتناغمة مع الأهداف الكبرى للتعاليم التي تريد الزاوية بتها في النفوس ، وإشاعتها في الوجدان، ويتعلق الأمر" بذكر الله" من خلال الهيللة والتسبيح والاستغفار، و " حب الرسول " من خلال الإكثار من الصلاة عليه.
للذكر حضور كبير في الطريقة الوزانية، وهو علامة الإندماج فيها من طرف المريد، ويتخذ شكل آيات قرآنية وأدعية تقوم على التسبيح والاستغفار والحمدلة والحوقلة والهيللة: يتردد فيها اسم الله بقصد تقديسه وتعظيمه والإكثار من ذكره، لما في ذلك من اجر وثواب، وتنقسم أذكار الزاوية الوزانية إلى أحزاب وأوراد لها عدد مخصوص وزمن محدد.
وتتأسس أوراد الزاوية الوزانية على مجموعة من الصيغ التعبيرية الرامية إلى استغفار الله، وتسبيحه وتمجيده، والصلاة على نبيه، مع تلاوة بعض الآيات القرآنية التي تحتوي على أساليب التسبيح والهيللة والاستغفار .
وهكذا فإن الطريقة الصوفية الوزانية تشترط على المريد الصوفي المعتنق لها أن يقرأ" أستغفرالله العظيم إن الله غفور رحيم" مائة مرة صباحا ومساء " سبحان الله وبحمده" مائة مرة صباحا ومساء، و " اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي و على أله وصحبه و سلم" مائة مرة صباحا ومساء، و" اللهم صل على سيدنا محمد وأزواجه وذريته" خمسين مرة في الصباح. و" لا اله إلا الله " مائة مرة صباحا ومساء، و" لا اله إلا الله سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله" إحدى عشر مرة بعد كل صلاة مفروضة.
وللشيخ سيدي الحاج عبد السلام الوزاني ورد خاص به كان يلقنه لأتباعه، فورده هذا يقوم على الافتتاح بالاستعادة والبسملة وقراءة الآية الكريمة " وما تقدموا لأنفسكم من خير... غفور رحيم" مرة واحدة، وقراءة " استغفر الله إن الله غفور رحيم" مائة مرة أو ألف، قراءة الآية الكريمة " سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون... تخرجون" مرة واحدة، وقراءة سبحان الله وبحمده" مائة أو ألف مرة، وتلاوة الآية الكريمة إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما" مائة مرة أو ألف، وتلاوة الآية الشريفة: " فاعلم أن لا إله إلا الله: مرة واحدة، وقراءة " لا اله إلا الله" مائة مرة وألف، وقراءة:" اللهم صل على سيدنا محمد وأزواجه وذريته" خمسين مرة في الصباح فحسب.
فهذه الأوراد كما يبدو جاءت منسجمة مع روح الطريقة الوزانية كما قعد لها مولاي عبد الله الشريف الوزاني، ومتلائمة مع الأصول الخمسة التي تمت الإشارة إليها قبل قليل، ومتناغمة مع الأهداف الكبرى للتعاليم التي تريد الزاوية بتها في النفوس ، وإشاعتها في الوجدان، ويتعلق الأمر" بذكر الله" من خلال الهيللة والتسبيح والاستغفار، و " حب الرسول " من خلال الإكثار من الصلاة عليه.
Cliquez ici pour modifier. الأحزاب
تنقسم أحزاب الزاوية الوزانية إلى قسمين، فهناك خاصة وعامة، فالصنف الأول من وضع شيوخ الزاوية الوزانية أنفسهم، والصنف الثاني من وضع غيرهم من رجالات التصوف والشاذلية.
فبخصوص مولاي عبد الله الشريف نجد له حزبين خاصين به يعتبران عمود أذكار الطريقة الوزانية، فالحزب الأول، وهو المتداول بكثرة، يتألف من الآيات القرآنية الدالة على الفرج، والإجارة من النار، مع افتتاحه بالآية القرآنية الكريمة،" إن الله وملائكته يصلون على النبي"، والحزب الثاني يتكون من مجموعة أدعية تعتمد على الأسماء الحسنى و تخليله بالهيللة والصلاة على النبي والحمدلة.
ولمولاي محمد بن عبد الله الشريف حزب كبير يتكون من الصلاة على النبي والدعاء والاستعاذة بالله من الكسل والعجز والبخل والجبن وقهر الرجال، والكفر، والفقر، وعذاب القبر، ويقرأ في الصباح والمساء.
وللشيخ مولاي الطيب هو الآخر حزب خاص به افتتحه بالأسماء الحسنى والصلاة على النبي، وترداد جملة" حسبي الله" المضافة إلى أسماء الله الحسنى، والهيللة والتعوذ بالله من شر النفس، وشر الخلق، والتسبيح والحمدلة والحوقلة.
واعتمدت الطريقة الوزانية على أحزاب أخرى غيرية من صنع شيوخ آخرين خارج دائرة الزاوية الوزانية كالشيخ الجزولي، وزروق، والنووي، ومولاي عبد السلام بن مشيش والشاذلي، فمريدو هذه الطريقة كانوا يقرؤون:
وقد زاد مولاي عبد الله الشريف على الأحزاب المشار إليها قراءة أسماء الله الحسنى، والمسبعات العشر لإبراهيم بن يزيد التميمي، والمعشرات لعبد العزيز بن الحارث التميمي البغدادي.
تنقسم أحزاب الزاوية الوزانية إلى قسمين، فهناك خاصة وعامة، فالصنف الأول من وضع شيوخ الزاوية الوزانية أنفسهم، والصنف الثاني من وضع غيرهم من رجالات التصوف والشاذلية.
فبخصوص مولاي عبد الله الشريف نجد له حزبين خاصين به يعتبران عمود أذكار الطريقة الوزانية، فالحزب الأول، وهو المتداول بكثرة، يتألف من الآيات القرآنية الدالة على الفرج، والإجارة من النار، مع افتتاحه بالآية القرآنية الكريمة،" إن الله وملائكته يصلون على النبي"، والحزب الثاني يتكون من مجموعة أدعية تعتمد على الأسماء الحسنى و تخليله بالهيللة والصلاة على النبي والحمدلة.
ولمولاي محمد بن عبد الله الشريف حزب كبير يتكون من الصلاة على النبي والدعاء والاستعاذة بالله من الكسل والعجز والبخل والجبن وقهر الرجال، والكفر، والفقر، وعذاب القبر، ويقرأ في الصباح والمساء.
وللشيخ مولاي الطيب هو الآخر حزب خاص به افتتحه بالأسماء الحسنى والصلاة على النبي، وترداد جملة" حسبي الله" المضافة إلى أسماء الله الحسنى، والهيللة والتعوذ بالله من شر النفس، وشر الخلق، والتسبيح والحمدلة والحوقلة.
واعتمدت الطريقة الوزانية على أحزاب أخرى غيرية من صنع شيوخ آخرين خارج دائرة الزاوية الوزانية كالشيخ الجزولي، وزروق، والنووي، ومولاي عبد السلام بن مشيش والشاذلي، فمريدو هذه الطريقة كانوا يقرؤون:
- حزب الفلاح لمحمد بن سليمان الجزولي.
- وظيفة الشيخ احمد زروق.
- حزب محيي الدين النووي.
- صلاة مولاي عبد السلام بن مشيش
- حزب البحر للشاذلي.
- الحزب الكبير للشاذلي.
وقد زاد مولاي عبد الله الشريف على الأحزاب المشار إليها قراءة أسماء الله الحسنى، والمسبعات العشر لإبراهيم بن يزيد التميمي، والمعشرات لعبد العزيز بن الحارث التميمي البغدادي.
Cliquez ici pour modifier.
الزاوية الوزانية
يتسم الإطار العام للزاوية الوزانية بغناه وتعدده لأنه ينفتح على كثير من الأبعاد والدلالات والمقاصد الداخلة في تكوينه، وهذا يعكس في واقع الأمر الأهمية التي تكتسيها الزاوية الوزانية من حيث حضورها في الزمان والمكان. ومن حيث الأدوار المتنوعة التي لعبتها على المستوى الروحي والاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي إذ كان لها إسهام كبير في الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله والحث على مكارم الأخلاق الإسلامية والدعوة إلى التمسك بالسنة النبوية واستقبال المريدين والإحسان إلى الفقراء والمساكين ونصرة السلاطين والتشجيع على الكتابة والتأليف والتدريس والحفاظ على التراث العمراني الأصيل.
ولا شك أن ملامسة الإطار العام للزاوية الوزانية بشكل شمولي سيؤهلنا لفهم أعمق فيما يخص وجود الزاوية الوزانية بفاس باعتبارها فرعا للزاوية الأم بوزان، علما أن الزاوية الوزانية فرضت وجودها في الحواضر والبوادي المغربية من زاوية، وفي مختلف أرجاء العالم الإسلامي من زاوية أخرى، وستبقى الزاوية الوزانية بفاس من أهم الفروع النشيطة في هذا المضمار بحكم تعدد مهامها، وكثرة أعلامها ووفرة تلامذتها وصلاحها، وضخامة إنتاجها العلمي والثقافي والشهرة التي حققتها في مختلف الأزمنة والعصور.
وتبعا لذلك سيعمل هذا الفصل على دراسة الزاوية الوزانية الأم انطلاقا من عدة جوانب أساسية ومركزية بصورة مكثفة ومقتضبة من باب التعريف "بالعام" من أجل فهم "الخاص" لأن معرفة "الأصل" سابقة عن معرفة "الفرع" وسيتم معرفة ذلك بإماطة الحجاب عن الإطار التاريخي، والإطار الصوفي والإطار الثقافي والمعرفي بوصفها الجوانب المهمة التي ساهمت في بناء الصرح الكبير لهذه الزاوية.
الزاوية الوزانية
يتسم الإطار العام للزاوية الوزانية بغناه وتعدده لأنه ينفتح على كثير من الأبعاد والدلالات والمقاصد الداخلة في تكوينه، وهذا يعكس في واقع الأمر الأهمية التي تكتسيها الزاوية الوزانية من حيث حضورها في الزمان والمكان. ومن حيث الأدوار المتنوعة التي لعبتها على المستوى الروحي والاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي إذ كان لها إسهام كبير في الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله والحث على مكارم الأخلاق الإسلامية والدعوة إلى التمسك بالسنة النبوية واستقبال المريدين والإحسان إلى الفقراء والمساكين ونصرة السلاطين والتشجيع على الكتابة والتأليف والتدريس والحفاظ على التراث العمراني الأصيل.
ولا شك أن ملامسة الإطار العام للزاوية الوزانية بشكل شمولي سيؤهلنا لفهم أعمق فيما يخص وجود الزاوية الوزانية بفاس باعتبارها فرعا للزاوية الأم بوزان، علما أن الزاوية الوزانية فرضت وجودها في الحواضر والبوادي المغربية من زاوية، وفي مختلف أرجاء العالم الإسلامي من زاوية أخرى، وستبقى الزاوية الوزانية بفاس من أهم الفروع النشيطة في هذا المضمار بحكم تعدد مهامها، وكثرة أعلامها ووفرة تلامذتها وصلاحها، وضخامة إنتاجها العلمي والثقافي والشهرة التي حققتها في مختلف الأزمنة والعصور.
وتبعا لذلك سيعمل هذا الفصل على دراسة الزاوية الوزانية الأم انطلاقا من عدة جوانب أساسية ومركزية بصورة مكثفة ومقتضبة من باب التعريف "بالعام" من أجل فهم "الخاص" لأن معرفة "الأصل" سابقة عن معرفة "الفرع" وسيتم معرفة ذلك بإماطة الحجاب عن الإطار التاريخي، والإطار الصوفي والإطار الثقافي والمعرفي بوصفها الجوانب المهمة التي ساهمت في بناء الصرح الكبير لهذه الزاوية.
Cliquez ici pour modifier. مولاي عبد الله الشريف
هو الشيخ الإمام، القطب الهمام، قبلة الصلاح، ومعدن الفلاح، الذي يستمطر به الغمام، وقدوة الخلائق وواسطتهم بين سيد الأنام، مَن أشرقت شموس معارفه على الآفاق، موصل العباد لحضرة الملك الخلاق، أبو محمد مولانا عبد الله الشريف بن مولانا إبراهيم بن مولانا موسى بن مولانا الحسن بن مولانا موسى بن مولانا إبراهيم بن مولانا عمر بن مولانا أحمد بن مولانا عبد الجبار بن سيدي محمد بن مولانا يملح بن مولانا مشيش بن مولانا أبي بكر بن مولانا علي بن مولانا حرمة بن مولانا عيسى بن مولانا سلاَّم بن مولانا مزوار بن مولانا حيدرة بن سيدي محمد بن مولانا إدريس بن مولانا إدريس بن مولانا عبد الله الملقب الكامل بن مولانا الحسن المثنى بن مولانا الحسن السبط بن مولانا علي بن أبي طالب ومولاتنا فاطمة رضي الله عنها بنت سيدنا ومولانا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كان رضي الله عنه مجاب الدعاء، حسن الأخلاق، يقصد للزيارة من البداوة والحضارة، عارفا بالتربية، نافعا للبرية، رضي الله عنه وأرضاه، فورث مقام القطبانية عن شيخه العارف الرباني القطب سيدي علي بن أحمد نزيل صرصر، عن شيخه سيدي عيسى بن الحسن دفين الدعداعة المصباحي، عن شيخه القطب الجامع بين الشريعة والحقيقة، سيدي محمد بن سيدي علي بن مهدي الهروي الزمراني المعروف بالطالب دفين باب الفتوح، أحد أبواب فاس الأندلس قرب سيدي أبي غالب، عن شيخه القطب الرباني أبي محمد سيدي عبد الله الغزواني دفين القصور بمدينة مراكش، عن شيخه البحر الفياض أبي فارس سيدي عبد العزيز بن عبد الحق الحرار المعروف بالتباع دفين مراكش أيضا، عن القطب الأشهر، الغوث الأكبر، مولانا أبي عبد الله سيدي محمد الشريف الجزولي الحسني صاحب « دلائل الخيرات» دفين مراكش أيضا، عن شيخه الشريف أمغار عن شيخه سيدي سعيد الهرثناني، عن شيخه أبي زيد سيدي عبد الرحمن الرجراجي، عن سيدي أبي الفضل الهندي، عن سيدي أبي العباس أحمد عنوس البدوي، عن سيدنا الإمام القرافي، عن سيدي [أبي عبد الله] المغربي، عن الإمام أبي الحسن سيدي علي الشاذلي الشريف الحسني، عن القطب الجامع الأكبر، ذي النور الأشهر أبي محمد مولانا عبد السلام بن مولانا مشيش الشريف الحسني، عن أبي زيد سيدي عبد الرحمن الشريف المدني، عن أبي زيد سيدي عبد الرحمن الثنايري،عن سيدي أبي بكر الشبلي، عن إمام الطريقة سيدي أبي القاسم الجنيد، عن أبي البقاء سيدي خالد السري السقطي،عن سيدي أبي معروف الكرخي، عن شيخه سيدي داود الطائي، عـن أبي المودة سيدي حبيب العجمي، عن سيدي الحسن البصري، عن سيدنا ومولانا أبي علي سيدنا الحسن السبط، عن والده سيدنا ومولانا علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، عن سيدنا ونبينا ومولانا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.
ولد هـذا الشيخ رضـي الله عنه بتازروت العلمية عند سفح جبل بوهاشم عام 1005 هـ - 1596 م ونـشـأ بجبل العلم من قبيلة بني عروس، واستوطن بوزان من قبيلة مصمودة، وكـان في حال طفولته يكثـر مواصلة خالــة لـه كانـت زوجة الولي الصالـح العارف بالله أبي علي سيدي ومولاي الحسن بن ريسون، فكان الشيخ سيدي الحسن رضي الله عنه ينوه بأمره، ويخبر خالته بعلي قدره ومكانته ومنصبه، ويقول لها يكون منه كذا وكذا إلى أن بلغ رضي الله عنه، فجعل يبحث عن صاحب حاجته، ومهما ذكر له أحد من الأعيان قصده في أقطار البلدان، وكان من يلاقيه يدله على الشيخ الكامل، العارف الواصل، سيدي علي بن أحمد المذكور رضي الله عنه دلالة إشارة لا عبارة، فلم يزل جدا في الطلب، راجيا وصول الأرب، إلى أن قاده التوفيق فاجتمع بالشيخ المذكور، وبلغت النفس مناها، وبلذيذ الوصال هناها، وأنشدوا:
لقد جاد محبوبي عليَّ بوصلــه
على رغم واش والرقيب بمعزل
فأمسيت في عز الملوك وكيف لا
أكون عزيزا والحبيب بمنــزل.
فلم يزل رضي الله عنه يتردد إليه ويترقب انعطافه عليه، إلى أن دخلت شمسه برج شرفها وحان الأوان، وحصل الرضا من الرحيم الرحمن، جاء رضي الله عنه لزيارة هذا الشيخ سيدي علي بن أحمد فقبضه عنده وجعله في بستان يخدم، ينقي أشجاره، ويجري سواقيه وأنهاره، ويصلح جميع ما يحتاج إليه. و عن بعض أصحاب شيخنا، ووسيلتنا إلى ربنا، مولاي الطيب أن الشيخ سيدي علي بن أحمد رضي الله عنه دخل يوما لذلك البستان مع بعض أصحابه فقال له: يا مولاي الشريف! إيتنا بشيء من الرمان، فأتاه برمان حامض، فقال له الشيخ: إن هذا الرمان حامض، فأجابه بقوله: والله ما ذقته قط ولا عرفت حامضه من حلوه. فبقي على ذلك زمانا، وبعد ذلك بعثه لتطوان بقصد قراءة العلم، فلما كان سائرا بموضع من قبيلة بني يوسف سمع التراب والحجر والنبات والشجر يناديه بالنصر والتأييد، وتقول بلسان فصيح: الله ينصر مولانا عبد الله الشريف! فظن أن ذلك هاتف شيطاني لا رباني، فرجع مسرعا إلى شيخه فزعا ، فلما وقف بين يدي الشيخ كاشفه بذلك وقال له: لا تخش مما سمعت هنالك والخير إن شاء الله أمام! ومدَّ عليها ثم رده على طريقه.
وعن بعض أصحاب شيخنا مولاي الطيب نفعنا الله به أنه لما وصل لتطوان واستوطن بها كان كثير الخلوة ومجانبة الناس، فرأى بعض الناس النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وقال له: اعْطِ لولدي عبد الله دينارا من الذهب! فاستيقظ وجعل يتفكر أين هو هذا الولد؟ لكونه لا يعرفه، ثم أخذه النوم ثانيا فرأى النبي صلى الله عليه وسلم مرة أخرى وأمره بما قال له أولا، فقال: يا رسول الله، لا أعرفه، فوقَّفه بين يديه حتى عرف صفته ونعته، فلما استيقظ جعل يبحث عنه في البلد، ولم يجد من يعرفه به حتى وجد جماعة قاعدين بموضع فسألهم فقالوا: لا نعرفه، إلا أننا نرى رجلا يخرج من تلك الدار عند طلوع الفجر فلا يعود إلا بعد صلاة العشاء، فرصده في ذلك الوقت، فلما رآه عرفه فسلم عليه وناوله الدينار، فامتنع من قبضه، فقال له الرجل: لابد لك من أخذه،وأنا مأمور به، وأخبره الخبر فقبضه ودعا له بخير، ورجع الرجل فرحا مسرورا بمعرفته، عازما على الرجوع إليه ولزيارته، فلما أصبح الصباح، وانتشر الضوء ولاح، رحل رضي الله عنه من تلك الدار فارًّا بنفسه، فرجع الرجل من الغد فلم يجد له أثرًا ولا خبرًا . ثم بعد ذلك رحل إلى مدينة فاس فقرأ العلم بها ولازم مجالسه، وحصل نفائسه، فنال تكوينا معرفيا رصينا في مختلف العلوم الدينية واللغوية والعقلية وكان مولاي قاسم رحمه الله يقول: إن الشيخ مولانا عبد الله لقي الشيخ سيدي محمد بن عطية دفين الرميلة من فاس الأندلس وبات عنده بداره مع بعض الإخوان، وكان في صحن الدار شجرة مغروسة، فلما أخذ الفقراء في الذكر فاض في مولانا عبد الله رضي الله عنه حال، فجاء إلى الشجرة فقلعها بيده وجعلها من وراء باب الدار وقال لها: خَلِّ هذه الليلة لغيرك، لما حصل للفقراء من الضيق في صحن الدار بسببها! انتهى.
ولما توفـي الشيخ سيـدي علي بن أحمد رضي الله عنـه وذلـك في عـام سبعة وعشرين وألف نزل مولانا عبد الله مدشر شقرة من قبيلة مصمودة، وانعـزل عن الناس ودخل الخلوة فجلس يتعبد فيها نحو أربعة عشر شهرا، لا يخرج ولا يلـقـاه أحـد إلا رجل من أصحابه يقـال له سيـدي عبد الكبير اعليـوات الشريـف، فإنه كان يناوله ما يحتاج إليه، ويوصل له ما يتوقف عليه، و يقول مولاي قاسم رحمه الله ، سمعت شيخنا سيدي الحاج الخياط الرقعي يقول، قال لي سيدي عبد الكبير: ما دخلت على سيدي ومولاي عبد الله في أيام خلوته في وقت من الأوقات ليلا أو نهارا إلا وجدته قائما على قدميه يقول: «اللهم صل على سيدنا محمد الني الأمي وعلى آله وصحبه وسلم» ولا يفتر عن ذلك إلا إذا كان متلبسا بالصلاة، قال رحمه الله: حتى كان اليوم الذي فتح الله عليه فيه دخلت عليه فوجدته مستلقيا – وكان ذلك بِغَلَسٍ - فقلت له: يا سيدي، أمثلك يتكئ في هذا الوقت، فهذا وقت استقبال القبلة والإكثار من ذكر الله؟ فقال لي رضي الله عنه: يا عبد الكبير، لا عليَّ الآن قمت أو اتكأت، الآن فُتِح عليّ: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا عبد الله، امْدُدْ يدك ورجلك، وأقبل من جاءك، فمن قبَّلهما فهو آمن من النار! قال رضي الله عنه: فاعتذرت له بأني ضعيف لا أقدر على ملاقاة الناس فأعاد علي: امدد يدك ورجلك، وأقبل من جاءك، فمن قبلهما فهو آمن من النار! قال رضي الله عنه: فاشتكيت له مسألة أخرى من أمر الناس فأعاد علي: امدد يدك ورجلك، وأقبل من جاءك، فمن قبلهما فهو آمن من النار! فخرج رضي الله عنه وانتصب للناس، فورد عليه الرُّكبان، من كل النواحي والبلدان، وجعل يعطي الأوراد، ويطعم الطعام للوُرَّاد، وكان مولاي قاسم رضي الله عنه يقول، قال لي سيدي الحاج الخياط: أطعم هذا الشيخ رضي الله عنه في ليلة واحدة أربعة عشر ألفا من الزائرين، ولم يمت رضي الله عنه حتى ترك من الرجال العارفين خمسمائة واحد كلهم يدلون على الله ويوصلون إليه.
وكان ورده كل يوم وليلة من الصلاة المتقدمة أربعة وعشرين مائة ألف! قلت: وهذا من خرق العادة التي ليس للعقل فيها مجال. وقال مولاي قاسم أيضا: ذكروا عند سيدنا ومولانا عبد الله أن رجلا يقرأ القرآن كله في نصف ساعة أو ربع ساعة زمانية فقال: الرجال عندهم هكذا بِسُلْكَة وهكذا بِسُلْكَة! وأشار برأسه يمينا وشمالا.
بقي في القطبانية أزيد من ثلاثين سنة، ونال شهرة واسعة في الأوساط المغربية وحجت الوفود إليه للاستفادة من علمه والتزود من بركته. أدركته الوفاة عام 1089 هـ 1678 م .
هو الشيخ الإمام، القطب الهمام، قبلة الصلاح، ومعدن الفلاح، الذي يستمطر به الغمام، وقدوة الخلائق وواسطتهم بين سيد الأنام، مَن أشرقت شموس معارفه على الآفاق، موصل العباد لحضرة الملك الخلاق، أبو محمد مولانا عبد الله الشريف بن مولانا إبراهيم بن مولانا موسى بن مولانا الحسن بن مولانا موسى بن مولانا إبراهيم بن مولانا عمر بن مولانا أحمد بن مولانا عبد الجبار بن سيدي محمد بن مولانا يملح بن مولانا مشيش بن مولانا أبي بكر بن مولانا علي بن مولانا حرمة بن مولانا عيسى بن مولانا سلاَّم بن مولانا مزوار بن مولانا حيدرة بن سيدي محمد بن مولانا إدريس بن مولانا إدريس بن مولانا عبد الله الملقب الكامل بن مولانا الحسن المثنى بن مولانا الحسن السبط بن مولانا علي بن أبي طالب ومولاتنا فاطمة رضي الله عنها بنت سيدنا ومولانا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كان رضي الله عنه مجاب الدعاء، حسن الأخلاق، يقصد للزيارة من البداوة والحضارة، عارفا بالتربية، نافعا للبرية، رضي الله عنه وأرضاه، فورث مقام القطبانية عن شيخه العارف الرباني القطب سيدي علي بن أحمد نزيل صرصر، عن شيخه سيدي عيسى بن الحسن دفين الدعداعة المصباحي، عن شيخه القطب الجامع بين الشريعة والحقيقة، سيدي محمد بن سيدي علي بن مهدي الهروي الزمراني المعروف بالطالب دفين باب الفتوح، أحد أبواب فاس الأندلس قرب سيدي أبي غالب، عن شيخه القطب الرباني أبي محمد سيدي عبد الله الغزواني دفين القصور بمدينة مراكش، عن شيخه البحر الفياض أبي فارس سيدي عبد العزيز بن عبد الحق الحرار المعروف بالتباع دفين مراكش أيضا، عن القطب الأشهر، الغوث الأكبر، مولانا أبي عبد الله سيدي محمد الشريف الجزولي الحسني صاحب « دلائل الخيرات» دفين مراكش أيضا، عن شيخه الشريف أمغار عن شيخه سيدي سعيد الهرثناني، عن شيخه أبي زيد سيدي عبد الرحمن الرجراجي، عن سيدي أبي الفضل الهندي، عن سيدي أبي العباس أحمد عنوس البدوي، عن سيدنا الإمام القرافي، عن سيدي [أبي عبد الله] المغربي، عن الإمام أبي الحسن سيدي علي الشاذلي الشريف الحسني، عن القطب الجامع الأكبر، ذي النور الأشهر أبي محمد مولانا عبد السلام بن مولانا مشيش الشريف الحسني، عن أبي زيد سيدي عبد الرحمن الشريف المدني، عن أبي زيد سيدي عبد الرحمن الثنايري،عن سيدي أبي بكر الشبلي، عن إمام الطريقة سيدي أبي القاسم الجنيد، عن أبي البقاء سيدي خالد السري السقطي،عن سيدي أبي معروف الكرخي، عن شيخه سيدي داود الطائي، عـن أبي المودة سيدي حبيب العجمي، عن سيدي الحسن البصري، عن سيدنا ومولانا أبي علي سيدنا الحسن السبط، عن والده سيدنا ومولانا علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، عن سيدنا ونبينا ومولانا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.
ولد هـذا الشيخ رضـي الله عنه بتازروت العلمية عند سفح جبل بوهاشم عام 1005 هـ - 1596 م ونـشـأ بجبل العلم من قبيلة بني عروس، واستوطن بوزان من قبيلة مصمودة، وكـان في حال طفولته يكثـر مواصلة خالــة لـه كانـت زوجة الولي الصالـح العارف بالله أبي علي سيدي ومولاي الحسن بن ريسون، فكان الشيخ سيدي الحسن رضي الله عنه ينوه بأمره، ويخبر خالته بعلي قدره ومكانته ومنصبه، ويقول لها يكون منه كذا وكذا إلى أن بلغ رضي الله عنه، فجعل يبحث عن صاحب حاجته، ومهما ذكر له أحد من الأعيان قصده في أقطار البلدان، وكان من يلاقيه يدله على الشيخ الكامل، العارف الواصل، سيدي علي بن أحمد المذكور رضي الله عنه دلالة إشارة لا عبارة، فلم يزل جدا في الطلب، راجيا وصول الأرب، إلى أن قاده التوفيق فاجتمع بالشيخ المذكور، وبلغت النفس مناها، وبلذيذ الوصال هناها، وأنشدوا:
لقد جاد محبوبي عليَّ بوصلــه
على رغم واش والرقيب بمعزل
فأمسيت في عز الملوك وكيف لا
أكون عزيزا والحبيب بمنــزل.
فلم يزل رضي الله عنه يتردد إليه ويترقب انعطافه عليه، إلى أن دخلت شمسه برج شرفها وحان الأوان، وحصل الرضا من الرحيم الرحمن، جاء رضي الله عنه لزيارة هذا الشيخ سيدي علي بن أحمد فقبضه عنده وجعله في بستان يخدم، ينقي أشجاره، ويجري سواقيه وأنهاره، ويصلح جميع ما يحتاج إليه. و عن بعض أصحاب شيخنا، ووسيلتنا إلى ربنا، مولاي الطيب أن الشيخ سيدي علي بن أحمد رضي الله عنه دخل يوما لذلك البستان مع بعض أصحابه فقال له: يا مولاي الشريف! إيتنا بشيء من الرمان، فأتاه برمان حامض، فقال له الشيخ: إن هذا الرمان حامض، فأجابه بقوله: والله ما ذقته قط ولا عرفت حامضه من حلوه. فبقي على ذلك زمانا، وبعد ذلك بعثه لتطوان بقصد قراءة العلم، فلما كان سائرا بموضع من قبيلة بني يوسف سمع التراب والحجر والنبات والشجر يناديه بالنصر والتأييد، وتقول بلسان فصيح: الله ينصر مولانا عبد الله الشريف! فظن أن ذلك هاتف شيطاني لا رباني، فرجع مسرعا إلى شيخه فزعا ، فلما وقف بين يدي الشيخ كاشفه بذلك وقال له: لا تخش مما سمعت هنالك والخير إن شاء الله أمام! ومدَّ عليها ثم رده على طريقه.
وعن بعض أصحاب شيخنا مولاي الطيب نفعنا الله به أنه لما وصل لتطوان واستوطن بها كان كثير الخلوة ومجانبة الناس، فرأى بعض الناس النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وقال له: اعْطِ لولدي عبد الله دينارا من الذهب! فاستيقظ وجعل يتفكر أين هو هذا الولد؟ لكونه لا يعرفه، ثم أخذه النوم ثانيا فرأى النبي صلى الله عليه وسلم مرة أخرى وأمره بما قال له أولا، فقال: يا رسول الله، لا أعرفه، فوقَّفه بين يديه حتى عرف صفته ونعته، فلما استيقظ جعل يبحث عنه في البلد، ولم يجد من يعرفه به حتى وجد جماعة قاعدين بموضع فسألهم فقالوا: لا نعرفه، إلا أننا نرى رجلا يخرج من تلك الدار عند طلوع الفجر فلا يعود إلا بعد صلاة العشاء، فرصده في ذلك الوقت، فلما رآه عرفه فسلم عليه وناوله الدينار، فامتنع من قبضه، فقال له الرجل: لابد لك من أخذه،وأنا مأمور به، وأخبره الخبر فقبضه ودعا له بخير، ورجع الرجل فرحا مسرورا بمعرفته، عازما على الرجوع إليه ولزيارته، فلما أصبح الصباح، وانتشر الضوء ولاح، رحل رضي الله عنه من تلك الدار فارًّا بنفسه، فرجع الرجل من الغد فلم يجد له أثرًا ولا خبرًا . ثم بعد ذلك رحل إلى مدينة فاس فقرأ العلم بها ولازم مجالسه، وحصل نفائسه، فنال تكوينا معرفيا رصينا في مختلف العلوم الدينية واللغوية والعقلية وكان مولاي قاسم رحمه الله يقول: إن الشيخ مولانا عبد الله لقي الشيخ سيدي محمد بن عطية دفين الرميلة من فاس الأندلس وبات عنده بداره مع بعض الإخوان، وكان في صحن الدار شجرة مغروسة، فلما أخذ الفقراء في الذكر فاض في مولانا عبد الله رضي الله عنه حال، فجاء إلى الشجرة فقلعها بيده وجعلها من وراء باب الدار وقال لها: خَلِّ هذه الليلة لغيرك، لما حصل للفقراء من الضيق في صحن الدار بسببها! انتهى.
ولما توفـي الشيخ سيـدي علي بن أحمد رضي الله عنـه وذلـك في عـام سبعة وعشرين وألف نزل مولانا عبد الله مدشر شقرة من قبيلة مصمودة، وانعـزل عن الناس ودخل الخلوة فجلس يتعبد فيها نحو أربعة عشر شهرا، لا يخرج ولا يلـقـاه أحـد إلا رجل من أصحابه يقـال له سيـدي عبد الكبير اعليـوات الشريـف، فإنه كان يناوله ما يحتاج إليه، ويوصل له ما يتوقف عليه، و يقول مولاي قاسم رحمه الله ، سمعت شيخنا سيدي الحاج الخياط الرقعي يقول، قال لي سيدي عبد الكبير: ما دخلت على سيدي ومولاي عبد الله في أيام خلوته في وقت من الأوقات ليلا أو نهارا إلا وجدته قائما على قدميه يقول: «اللهم صل على سيدنا محمد الني الأمي وعلى آله وصحبه وسلم» ولا يفتر عن ذلك إلا إذا كان متلبسا بالصلاة، قال رحمه الله: حتى كان اليوم الذي فتح الله عليه فيه دخلت عليه فوجدته مستلقيا – وكان ذلك بِغَلَسٍ - فقلت له: يا سيدي، أمثلك يتكئ في هذا الوقت، فهذا وقت استقبال القبلة والإكثار من ذكر الله؟ فقال لي رضي الله عنه: يا عبد الكبير، لا عليَّ الآن قمت أو اتكأت، الآن فُتِح عليّ: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا عبد الله، امْدُدْ يدك ورجلك، وأقبل من جاءك، فمن قبَّلهما فهو آمن من النار! قال رضي الله عنه: فاعتذرت له بأني ضعيف لا أقدر على ملاقاة الناس فأعاد علي: امدد يدك ورجلك، وأقبل من جاءك، فمن قبلهما فهو آمن من النار! قال رضي الله عنه: فاشتكيت له مسألة أخرى من أمر الناس فأعاد علي: امدد يدك ورجلك، وأقبل من جاءك، فمن قبلهما فهو آمن من النار! فخرج رضي الله عنه وانتصب للناس، فورد عليه الرُّكبان، من كل النواحي والبلدان، وجعل يعطي الأوراد، ويطعم الطعام للوُرَّاد، وكان مولاي قاسم رضي الله عنه يقول، قال لي سيدي الحاج الخياط: أطعم هذا الشيخ رضي الله عنه في ليلة واحدة أربعة عشر ألفا من الزائرين، ولم يمت رضي الله عنه حتى ترك من الرجال العارفين خمسمائة واحد كلهم يدلون على الله ويوصلون إليه.
وكان ورده كل يوم وليلة من الصلاة المتقدمة أربعة وعشرين مائة ألف! قلت: وهذا من خرق العادة التي ليس للعقل فيها مجال. وقال مولاي قاسم أيضا: ذكروا عند سيدنا ومولانا عبد الله أن رجلا يقرأ القرآن كله في نصف ساعة أو ربع ساعة زمانية فقال: الرجال عندهم هكذا بِسُلْكَة وهكذا بِسُلْكَة! وأشار برأسه يمينا وشمالا.
بقي في القطبانية أزيد من ثلاثين سنة، ونال شهرة واسعة في الأوساط المغربية وحجت الوفود إليه للاستفادة من علمه والتزود من بركته. أدركته الوفاة عام 1089 هـ 1678 م .
منهج التربية عند شيوخ الزاوية الوزانية
محمد العمراني
ضرب شيوخ الزاوية الوزانية بسهم وافر في تربية المريدين وجمعهم على الله، والسلوك بهم أثر القوم، في إطار طريقة صوفية جزولية شاذلية، تغترف من معين السنة النبوية الشريفة، وتكرع من حياضها، وتمتح منها العناصر الضرورية لمجابهة البدع والدعاوى الزائفة، وكل ما يعكر الصورة النقية للدين الإسلامي الحنيف والتصوف الإسلامي الخالص، وذلك منذ تأسيسها على يد الشيخ الصوفي مولاي عبد الله الشريف الوزاني[1] خلال أواسط القرن الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي. فقد ذكر الفقيه الصوفي حمدون الطاهري الجوطي الفاسي (ت.1191هـ/1777م) أن هذا الشيخ المؤسس كان «عالماً بطريقة الصوفية، عارفاً وماهراً بأحكام التربية»2، وأن خليفته من بعده ولده الشيخ سيدي محمد3 كان «حافظاً للسنة وآدابها، من أعظم فحول أهل الطريقة الصوفية ورجالها»4، وأن حفيده الشيخ مولاي التهامي5 كان «ممن تشد إليه الرحال، وتنفك عند سماع ذكره الأوحال...، لا تراه إلا لاهجاً بالذكر والاستغفار والتسبيح والتقديس والتهليل والتكبير...، وكان...من زهاد هذه الأمة، وأعلمهم بالسنة»6. كما ذكر الطاهري أيضاً أن الشيخ مولاي الطيب الوزاني7 كان «الورع شيمته، والزهد سجيته...، يدل على الله تعالى بأقواله وأفعاله، قد عمر قلوب الفقراء المريدين بمحبته، فلا يرون به بديلا، يداوي القلوب المرضى فلا ترى بساحته عليلا، وإذا جلس بين الإخوان خِلتَه كالبحر الزاخر، يرمي بموج الأسرار أو كالشمس والقمر الزاهر، تستمد من سناه الأنوار، وفدت عليه الوفود من كل الأقطار والبلدان، وقصده من كل مكان أعيان الأعيان، فروى قلوب السالكين بلذيذ شرابه، وملأ بضاعة العارفين والمقوين من رطبه وأثماره، فهو بين العارفين إمام، يستسقى بوجهه الغمام»8، وشهد في حقه الفقيه الصوفي محمد بن حمزة المكناسي(كان حيا عام 1237هـ/1821م) بكونه «كان...في طريقة القوم وحسن التربية عارفاً بسبك ذهبها، وصنعة تصفيتها، انتفع به خلق كثير وجم غفير، من أهل الظاهر والباطن»9.
ويحدثنا المكناسي المذكور أن الشيخ سيدي أحمد بن الطيب الوزاني10 كان «هلالاً ساطعاً، وبرهاناً لائحاً قاطعاً، وارثاً لتلك المحاسن والأسرار، مغترفاً من بحر معارف السادات الأبرار، سقاه الله من بحر مدد جده سيد البشر صلى الله عليه وسلم وصحابته الأخيار، وكان...جبل النور وذروته، وكعبة الصلاح ومَرْوته، من فحول أرباب الطريقة، تُشد إليه الرحال، وتأتيه أعيان الأعيان من أقطار البلدان...، عارفاً بأمور التربية، متخلقاً بالأخلاق المرضية، محافظاً على السنة، خالياً من الدعوة، متبرئا من الحول والقوة»11، وأن وارث سره من بعده ولده سيدي علي12 كان بدوره «هلالا ساطعاً، ونوراً لامعاً، وبرهاناً قاطعاً، ممن تشد إليه الرحال، وتخضع لهيبته رقاب الرجال»13، وقد حلاَّه بـ«عالم العلماء، وحكيم الحكماء، وفهيم الفهماء...، ملقن الصادقين، ومبشر الصابرين، ومنار العارفين، ومنهاج المحققين، أبو المؤمنين، ومزيد المريدين، ومقطنهم في رحمة رب العالمين، ومجذبهم إلى أوليتهم، ومسلكهم إلى آخريتهم»14، وأنه كان «سنيا شرعيا حقيقيا، لا سكون ولا حركة له إلا بإذن الله، موافقاً لأحكام التنزيل وسنة الرسول، محافظاً عليها من غير تغيير ولا تبديل، ذاكراً لله على الدوام، آخذاً بحديث نبينا عليه السلام»15.
فبعد استعراضنا لهذه النعوت والتحليات الواردة في حق شيوخ الزاوية الوزانية الأم، التي تؤكد على رسوخ قدمهم وعلو كعبهم في العلوم الصوفية والدينية، واتساع هيبتهم وشهرتهم بالبلاد المغربية والإسلامية، يجدر بنا أن نتساءل عن طبيعة المنهج المتبع في التربية الصوفية لدى هؤلاء الشيوخ، وعن الخاصيات والسمات التي تميز تربيتهم عن بعض طرق التربية الأخرى، كطريقة التربية عند شيوخ الزاوية الدرقاوية على وجه الخصوص.
أجل، إن المتتبع لمناقب الزاوية الوزانية تطالعه معطيات مهمة تفيد بكون تربية المريدين عند شيوخ هذه الزاوية كانت تتم «بالنظر والهمة، لأن التربية بالاصطلاح اندثرت لضعف حال المريدين وقلة الرغبة في الدين، وكثرة الإقبال على الدنيا، وإعراض الناس عن الآخرة»16. والتربية بالنظر والهمة -والتي تدعى أيضاً بطريقة التبرك والتلقين، أو بطريقة الإفادة بالهمة والحال- هي في واقع الأمر طريق الشاذلية نفسها17، وتتلخص تعاليمها في «تلاوة الأوراد والأذكار والأحزاب، وتلاوة القرآن، والصلاة على مولانا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، آناء الليل وأطراف النهار، مع اتباع السنة والتنفل بالصوم والتهجد بالليل، والشيخ يرقيه (أي المريد) مع ذلك كالمرأة الحاضنة للطفل من مقام إلى مقام إلى أن يصير كهلا راشدا مرضيا»18، وقد أخذها الشيخ مولاي عبد الله الشريف الوزاني عن شيخه سيدي علي بن أحمد الصرصري19، وعليها جرى عمله في تربية المريدين الذين كانوا يجتمعون عليه سواء إبان إقامته بقبيلة مصمودة أو بعد ارتحاله إلى وزان، وأذن لمريده الحاج الخياط الرقعي الفاسي20 في تلقينها لأصحابه الفقراء بفاس، وسار على هذا النهج التربوي نفسه سائر خلفاء الشيخ المؤسس شيوخاً ومقدمين.
وتتميز هذه الطريقة بوسطيتها واعتدالها، وتمسكها بالكتاب والسنة، وبمراعاتها للمقاصد السامية للتصوف الإسلامي السُّني في عملها بمفهومي«التحلية» و«التخلية» : تحلية النفس بمكارم الأخلاق والفضائل، وتخليتها عن العيوب والشهوات والرذائل، وبذلك أمكن لها البقاء منتشرة في المغرب وغيره من بلدان العالم الإسلامي، منذ عهد الشيخ أبي الحسن الشاذلي(ت.656هـ/1268م) إلى يومنا هذا. أما طريقة «التربية بالاصطلاح» المشار إليها، فهي طريقة الصحبة والاقتداء بالشيخ وتأديبه باصطلاحه، وقد عرفت نشاطاً متميزاً خلال العصر الوسيط، غير أنه لما فشى الضعف في كيان الأمة الإسلامية في العهود الأخيرة من هذا العصر انقرضت وارتفع إنتاجها، ومن ثم أصبحت طريقة الإفادة بالهمة والحال ناسخة لها ولسائر الطرق الصوفية الأخرى، مثلما نسخت الديانة الإسلامية سائر الديانات السماوية السابقة.
وبقراءتنا لكتاب «تحفة الإخوان» لحمدون الطاهري الجوطي السالف الذكر، تطالعنا إشارتان هامتان عن انقطاع التربية بالاصطلاح في العهد الذي ذكرناه، إحداهما للشيخ الصوفي أحمد بن عقبة الحضرمي اليمني (ت895هـ/1490م)، والأخرى لتلميذه الشيخ الصوفي أحمد زروق البرنسي الفاسي(ت.899هـ/1494م). يقول الشيخ الحضرمي : «ارتفعت التربية بالاصطلاح في سنة أربع وعشرين وثمانمائة، ولم يبق غير الإفادة بالهمة والحال، فعليكم باتباع السنة من غير زيادة ولا نقصان، يعني الجادة مع التزام الصدق، وبالله التوفيق»21. أما الشيخ أحمد زروق فيقول : «والتربية لا ترتفع أبداً، لكنها تارة تجري بالاصطلاح من الخلوات والتربيات ونحوها، وتارة بحفظ الأصول فقط، وتارة بحفظ الحرمة ليس إلا، وتارة بعلو الهمة وقوة الحزم والعزم، وتارة بمجرد التلقي، وهذه الأمور لا تزال أبد الآبدين، غير أن الاصطلاح قد انقرض في هذه الأزمنة وارتفع إنتاجه، حسبما دلت عليه العلامات، وشهد به الاستقراء»22.
والملاحظ أنه في الوقت الذي اتفقت فيه كلمة العلماء والصوفية على اندثار التربية بالاصطلاح وبقاء طريقة الإفادة بالهمة والحال عنواناً للتربية الصوفية23، فإن الشيخ الصوفي أحمد بن عجيبة التطواني(ت1224هـ/1809م) يرى أن حكم زروق حول انقراض «الاصطلاح» يُفسَّر بكثرة عدد المدعين للمشيخة في عهده، وأنه لا يجوز تعميم هذا الحكم حول انقضاء شيوخ التربية المخلصين. ويذهب إلى القول بأن ما ذكره زروق «فيه نظر من وجهين : أحدهما أن الاستقراء الذي ذكره متعذر في جميع أقطار الأرض، وشيوخ التربية الغالب عليهم الخفاء، لأنهم كنوز لا يظفر بهم إلا من أسعده الله، والثاني أن دائرة الأولياء لا تنقطع أبداً، من أقطاب وأبدال وأوتاد...، وبلوغه إلى مقام القطبانية لا يكون من غير تربية أبداً»24.
ويدافع ابن عجيبة عن ضرورة وجود الشيخ المربي ليسلك بالمريدين منعرجات الطريق الصوفي، وعن استمرارية التربية بالاصطلاح بالمغرب في وقته، للرد على قول الشيخين الحضرمي وزروق بخصوص اندثار الاصطلاح في عصرهما، إذ يقول : «فإن قلتَ : يكفي فيه(الشيخ) الهمة والحال، قلنا : لا نسلم ذلك، لأن تربية الهمة والحال دون اصطلاح المقال، لا يترقى صاحبها من مقام إلى مقام، ولا من حال إلى حال، فلا يخرج من السلوك إلى الفناء، ولا من الفناء إلى البقاء، إلا بتربية المقال، وهي الاصطلاح. وإن أراد بالاصطلاح : الخلوة، وترتيب الأوراد، فلا نسلم أيضاً أنه انقطع، إذ من بلغ إلى درجة التربية يربي كيف شاء، فمن تصلح به الخلوة ربَّاه بها، ومن تصلح به الخلطة رباه بها، فشيخ التربية لا ينقطع أبداً عن تربية الهمة والحال والمقال والاصطلاح، وإذا كان الحضرمي تكلم على ما ظهر له في زمانه، فلا يلزم عمومه فيما بعده»25.
ثم إنه ليس صحيحاً -برأيه- كلما تقادم العهد على زمن النبوة سارع الانحطاط إلى المسلمين، فليس خير عصور المسلمين هو عصر النبوة والتابعين وحسب، فـ«نور النبوة في الزيادة لا في النقصان»26. كما يعلق على كلام الحضرمي المذكور قائلا : «لم يقصد الحضرمي انقطاعها على الأبد، وحاشا الحضرمي أن يتحكم على الله ويعجز قدرة الله، وإنما أراد أن في زمانه مدعين كثيرين، فحذر أهل زمانه منهم، ومعرفة الحضرمي وزروق رضي الله عنهما تنافي هذا القصد، وعلى تقدير صدورها منهما، فليسا بمعصومين، فكل كلام يرد ويقبل إلا(كلام) صاحب الرسالة(ص)، فقد وجد بعد الحضرمي رجال كانوا من أهل التربية النبوية بالحال والمقام والهمة لا يمكن عدهم، وهم موجودون في زماننا هذا مشهورون كنار على علم، قد هدى الله على أيديهم خلقا كثيراً، وخرج على أيديهم من الأولياء ما لا يعلمهم إلا من مَنَّ عليهم بمعرفتهم»27.
ويذكر لنا ابن عجيبة في هذا الصدد طائفة من الصوفية المحققين ممن وجدوا بعد الحضرمي وحتى في زمانه، والذين اتفق الناس على تربيتهم، منهم عبد الله الغزواني، ويوسف التليدي، وعبد الله الهبطي، وعبد الرحمن المجذوب، وامحمد الشرقي، ويوسف الفاسي، وعبد الرحمن الفاسي، ومحمد بن عبد الله مَعْن الأندلسي وغيرهم، «فإنكار كمال هؤلاء وتربيتهم-في نظره- مكابرة وخذلان، والعياذ بالله من الطعن في أولياء الله...، ولكن من كان خَفَّاشاً لا يستطيع أن يُبصِر شعاع النور»28 على حد تعبيره.
ويبدو أن الشيخين الحضرمي وزروق قد قطعا باندراس الاصطلاح وارتفاع إنتاجه في زمنهما اعتباراً لجملة من الدلائل والعلامات الظاهرة، منها عدم وجود صوفية محققين تتوفر فيهم شروط التربية الصوفية التي انتهجها أعلام التصوف الأوائل، وظهور كثير من أهل الدعاوي الباطلة، وأرباب الطوائف «الصوفية» الشاذة، الذين لم تكن تربطهم بالتصوف الإسلامي الخالص أية نسبة تذكر، وإنما نسبوا أنفسهم إلى طريق القوم زُوراً، فدسُّوا على هذا الطريق أفكاراً دخيلة، وأدخلوا عليه بِدعاً ومحدثات غريبة، فكدَّروا صفوه، وشوَّهوا صورته، فضلُّوا وأَضَلُّوا.
ومنها الضعف الذي دَبَّ في جسم الأمة الإسلامية خلال هذا العصر وقبله، بحيث ابتعد الناس عن تعاليم الدين، وأقبلوا على الدنيا، وركنوا إلى اتباع الشهوات، وقلة المبالاة، ولم تعد للمريدين الرغبة في البحث عمن يسلك بهم منعرجات الطريق، ويتعاهدهم بالتربية الروحية، ويرقيهم في المراتب والمقامات من أشياخ وقتهم، لضعف حالهم، وفساد زمنهم.
ومن ذلك اقتناع الصوفية أنفسهم إبان هذا العصر وقبله باندثار التصوف وانطماس أعلامه، ويؤيد هذا ما ذهب إليه الشيخ الصوفي أبو العباس أحمد بن محمد بن يوسف التجيبي المعروف بابن البنَّا السرقسطي في أرجوزته المسماة بـ«المباحث الأصلية»، حينما قال :
إن الـذي سألـتَ عنـه مــات
وصـار بعد أعظمـاً رفــات
فطمسـت أعـلامـه تحقيقـــاً
فلم تجـد بعـد لهـا طريــقاً29.
وإذا كان الحضرمي وزروق قد اتفق رأيهما مع رأي ابن البنا السرقسطي فيما يخص انقراض التصوف وطريقته وتربيته بانقراض أهله، فإن لابن عجيبة تفسيراً خاصا لكلام ابن البنَّا، لا يخرج عن التفسير الذي ظل دائماً متمسكاً به حيال وجود واستمرارية التربية بالاصطلاح، وانتشار أشياخها في زمنه انتشاراً كثيراً بحسب رأيه، فقد ذهب إلى القول بأن مضمون كلام ابن البنا هو أن «الصوفية المحققين السالكين على منهاج المتقدمين قد قلوا جدًّا، حتى كأن علومهم ماتت وبليت، وصارت رميما، وطرقهم قد طمست، وأذواقهم قد اندرست، ولم يبق على منهاجهم إلا القليل، ومثل ما قاله الناظم (ابن البنا) قاله مَن قبله، ففي كل عصر يقول أهله : قد ذهب التصوف وذهب أهله، لما يرون ما انكب عليه الجاهلون، وما استجلبه المدعون»30.
وساق ابن عجيبة في هذا الصدد طائفة من أقوال الصوفية المتقدمين والمتأخرين، ابتداء من أبي القاسم الجنيد إلى بعض أشياخ وقته، كلها تتفق على أن التصوف قد ذهب أثره، ولم تبق إلا رسومه، منها قول الشيخ الصوفي أبي مدين الغوث التلمساني (ت.594هـ/1198م) في رائيته :
واعلم بـأن طريـق القـوم دارسـة
وحال من يدَّعيها اليوم كيف ترى
وقول الشيخ الصوفي الشريف سيدي علي بن عبد الرحمان العمراني المعروف بالجمل(ت1194هـ/1780م) : «من تونس إلى واد نون لا تجد من يتكلم في هذا العلم إلا رجلا أو رجلين»31، وغير ذلك من الأقوال المماثلة. ويرى ابن عجيبة في هذه الآراء الواردة عن صوفية مشهود لهم بالتبحر في علوم الشريعة والحقيقة «كناية عن قلة وجود المحققين، ولا يدل هذا على انقطاعهم، ففي كل زمان رجال يرحم الله بهم عباده، فالعدد المعلوم لا ينقطع حتى ينقطع الدين»32 بحسب تأويله.
ولعل دفاع ابن عجيبة عن انتشار شيوخ التربية بالاصطلاح بعد الحضرمي وزروق ووجودهم في زمنه يستند إلى تجربته الصوفية الشخصية مع أحد الشيوخ الذين توفرت فيهم-حسب رأيه- شروط التربية على الكمال، ذوو همة وحال ومقال، ويتعلق الأمر بشيخه مولاي العربي الدرقاوي(ت1239هـ/1823م)، الذي قَدِم مع الشيخ علي بن عبد الرحمن العمراني السالف الذكر إلى قبيلة بني زروال الجبلية فـ«جدَّدَا الطريقة بعد دروسها، وأشرقت على يديهما شموس الحقيقة بعد خمودها، وكثر اللهج بذكر الله، وانقلب كل العباد إلى الله»33 كما يؤكد ابن عجيبة.
وحقيقة الأمر، أن شيخه مولاي العربي الدرقاوي المذكور، الذي لم يكن راضياً عن النهج التربوي السائد لدى أشياخ الطرق الصوفية في وقته، كان يرغب في إعادة بعث وإحياء زمن رجال التصوف القدامى، وإسقاط تجربتهم وفلسفتهم الصوفية على أرض الواقع المغربي الحديث، في وقت لا تجد فيه من يقبل على الخوض في مسائل التصوف الفلسفي، فبالأحرى الإقدام على اعتناقه، والتمذهب بمذهبه وطريقه، وهذا ما دفعه إلى إحياء الطريقة الدرقاوية من جديد خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي، على أساس تبني تصوف جديد-قديم يقول بالتجريد والفناء والأحوال والإشراق، لكن تصوفه هذا لم يكتب له الذيوع كثيراً في الأوساط الحضرية لغلوه وتطرفه، وقصور العامة عن كنه مقاصده ومغازيه، فضلا عن عدم مسايرته من جهة لمصالح بعض الزوايا الشمالية، كالزاويتين الوزانية والريسونية المعروفتين باعتدالهما في السلوك، والتزامهما بآداب التصوف الإسلامي السني، ومن جهة أخرى لمصالح المخزن المغربي الذي كان يرى في «التصوف الدرقاوي» عاملاً يهدد الاستقرار الاجتماعي.
ويكفي أن نشير مثلا أن نخبة تطوان ووجوهها وأعيانها وقِسم من عامتها، الذين كانوا يدينون بالولاء الروحي للشرفاء الوزانيين والريسونيين، كانوا يناوئون الطريقة الدرقاوية، ويضربون عليها الحصار كي لا تدخل مدينتهم34، وحتى لما دخلت هذه الطريقة مدينة تطوان إبان تسعينات القرن الثامن عشر كانت مضطهدة فيها، لا يستطيع أحد أن ينتمي إليها، وقد تعرض أتباعها- بمن فيهم أحمد ابن عجيبة نفسه- لكثير من الإهانات والاعتداءات من قبل الأهالي وأعوان المخزن على حد سواء خلال فترة حكم السلطان مولاي سليمان35. وكانت أعنف هذه التجاوزات تلك الحملة «التطهيرية» التي قادها قائد تطوان حمان الصريدي ضد أنصار الطريقة المذكورة في عام 1209هـ/1795م، والتي انتهت بسجن حامل لواء الفكر الدرقاوي بتطوان الصوفي أحمد ابن عجيبة المذكور، وكذلك جماعة من أصحابه بعدما اتهموا بإفساد الشباب بسبب ممارستهم الصوفية الشاذة، كالاختلاط بالنساء، وخرق العوائد بلبس المرقعات، والمشي بالحفا، ومد اليد للسؤال، والاجتماع على الرقص، وغير ذلك من الممارسات التي تعكر صفو التصوف الإسلامي السني، وجو المدينة ذو الطابع الحضري الأندلسي الأصيل.
وقد حاول القائد الصريدي مراراً الضغط على ابن عجيبة للتخلي عن لبس المرقعة، وعن سلوك حياته الجديد، كالتجول في المدينة عاري الرأس، حافي القدمين، وتنظيف السوق، وحمل الأزبال، والتسول أمام الطرقات، وحمل القربة على الظهر والطواف بها على الناس لأجل سقايتهم، والعودة بذلك إلى مباشرة وظيفته العلمية بمساجد تطوان كما كان من قبل، فرفض في البداية العدول عن سيرته، لكنه ما لبث أن أذعن لتلك الضغوط، وأشهد على نفسه بالتخلي عن فلسفته الصوفية الجديدة ظاهريا على الأقل «والقلب- كما يقول-مطمئن بالإيمان»36، فأُطلِق سراحه بينما مكث أصحابه بالسجن بعده مدة من الزمن. ولعل في تخليه عن ممارساته وأفكاره الصوفية المتطرفة ما يدل على أنه كان يدرك المصير الذي ينتظره في حال ما أصر على طريقه، وقد عبر عن ذلك في «فهرسته» حينما ذكر أن السلطان مولاي سليمان أرسل إلى قائده بتطوان حمان الصريدي يقول له : «إن لم يرجع الفقيه ابن عجيبة عن ذلك، فقيده بالسلاسل واسجنه وأرسله إليَّ»37، فخشي ابن عجيبة أن يكون جسوس38 عصره، فتخلى عن «ثورته»، وغادر المدينة للاستقرار بالبادية، معلنا بذلك عن فشل «الثورة»39.
وخلال أيام مكوثه بالسجن، قدِم لزيارته وفد يضم ممثلين عن الطريقة الدرقاوية بجهات المغرب، لكن بمجرد وصولهم إلى تطوان ألقي عليهم القبض، وأدخلوا السجن هم كذلك، بعدما أرغموا على التحلل من ممارساتهم الصوفية، وقد تعرض محمد المكودي (ت1214هـ/1799م) لذكر الأزمة التي عاشها أعضاء هذا الوفد-وكان من بينهم- بسجن تطوان في مؤلَّفه «الإرشاد والتبيان»، فمما ذكره عن هذه الأزمة قوله : «فدخلنا الباب(باب مدينة بتطوان)، فلم نصل الحدادين حتى اجتمع علينا هيلولة عظيمة من الرجال والصبيان وهم يقولون هَاهُمْ، هَاهُمْ، ونحن على حالنا من السكون، وكل واحد يذكر الله في نفسه، فلم نشعر إلا واثنان وعشرون من الزبانية قد أحاطت بنا، اثنان مع كل واحد، كأننا محاربون لله ولرسوله، أو نصارى صادفوهم يتسورون المدينة، فانصرفوا بنا إلى دار القائد»40، ويضيف أنه بمجرد وصولهم إلى دار القائد أمر القائد مساعده أحمد الزواق بـ«نزع عن كل واحد سُبحته ومُرقَّعته وعُكَّازه، وأمَر بهم إلى السجن، فلما دخلوا وجدوا الشيخ ابن عجيبة ومن معه، ولهم ثلاثة أيام في السجن وقد ضُرب جلهم»41، هذا في الوقت الذي تم فيه إغلاق فرع الطريقة الدرقاوية بتطوان42.
ولم يفتر التضييق عن هذه الطريقة إلا بعد أن تولى أمرها بهذه المدينة عند أواخر عهد السلطان مولاي سليمان الشيخ الصوفي محمد الحراق العلمي(ت1261هـ/1845م)، الذي عدَّل كثيراً مما كان يكثر النقد حوله، وترك لفقرائه أن يسألوا، ورباهم على متابعة الشريعة حسبما وردت به النصوص، وأزال عن الطريقة سمة التقشف، وسار بها كما يقتضيه طبعه الرقيق43.
وبهذا التوجه الجديد ساهم الحراق في خلق نوع من الانفراج والتطبيع في العلاقات بين فرع الزاوية الدرقاوية بتطوان والمخزن من جهة، وفي تحسين صورة هذه الزاوية في عيون كل من العلماء والأشراف والأعيان والأهالي بالمدينة من جهة أخرى، خاصة وأنه عالم وأديب وشريف علمي، يحظى باحترام وتبجيل عامة الناس وخاصتهم، وله نفوذ قوي في الدوائر الحكومية، حتى كان باشا تطوان الحاج محمد أشعاش الكبير لا يكاد يقطع أمراً دون مشاورته44. غير أن الشيخ الحراق إذا كان قد تمكن من تقويم السلوك الصوفي للطريقة الدرقاوية بمدينته، فإن سائر أتباعها بالمغرب ظلوا على ما كانوا عليه من الاشتغال بالبدع والأعمال المنافية لآداب الشرع، وهذا ما جعل شرفاء وزان يرددون دائماً القولة الشهيرة «إذا كثر في الدنيا دَرْقَـاوَا وهدَّاوَا، فإنه لم يبق فيها ما يدَّاوَا»45، بل إن الفقيه العالم محمد بن محمد بن الحسن الجنوي المعاصر لابن عجيبة قد قرن الدعوة الدرقاوية بالثورة الفرنسية فيما ينشأ عنهما من الفساد ومحدثات الأمور، حيث قال : «إن درقاوة قاموا (ثاروا) في هذا القطر(المغرب)، والنصارى الفرنصيص قاموا في قطرهم46، وكلهم ينشأ منهم فساد هذا العالم»47.
وهكذا يمكن القول بأن مؤلفي المناقب الوزانية حينما صرحوا بكون «التربية بالاصطلاح اندثرت»، وأن تربية المريدين عند شيوخ زاوية وزان كانت تتم «بالنظر والهمة»، كانوا متحققيق مما يقولونه، متتبعين ومستقرئين لواقع الأمة الإسلامية، الذي بات مترديا لا يقبل الخوض في الأمور المشكلة التي تستعصي على الأفهام، ولا توافقه السلوكات المتطرفة التي لن تؤدي سوى إلى السقوط في البدع والآثام، ومستندين في قولهم إلى آراء من سلفهم من العلماء ومشايخ الصوفية الأعلام، والتي أكدت أن لا بديل عن انقطاع التربية بالاصطلاح إلا بالتمسك بالكتاب والسنة، ومشاورة شيخ الإفادة والهمة في الأمور المهمة، وأخذ أوراده وأذكاره وأحزابه، واتباع أمره ونهيه، وزيارته ولو مرة في السنة، ومواصلته بالهدية، وأن من رام سلوك أثر القوم من غير هذا الباب ربما وقع في المحظور، وعرض نفسه للتهمة، و«من عرَّض نفسه للتهمة فلا يَلومَنَّ مَن أساء به الظن» على حد قول الخليفة عمر بن الخطاب.
هذا وتحتفظ المصادر المغربية بمعطيات كثيرة عن أناس اشتغلوا في البداية بـ«الأحوال»، و«الفناء»، و«الحلول»، ثم عدلوا عن كل ذلك بعدما ظهر لهم زيف ما كانوا عليه، فندموا على ضياع أوقاتهم في الوساوس والدعاوي الواهية، وتبرأوا مما صدر منهم من أقوال أو أفعال تَمُتُّ بصلة لسالف عهدهم، بل أكثر من ذلك، جندوا أنفسهم لمحاربة التصوف الشعبي الذي اعتبروه أساس البدعة، ومقابل ذلك أقبلوا على خدمة التصوف السني الذي لا يتنافى مع الحدود الشرعية48.
ونريد التأكيد في هذا المضمار مرة أخرى -قطعا للالتباس- أن شيوخ الزاوية الوزانية ما سلكوا في تربيتهم للمريدين سوى سلوك طريقة «النظر والهمة»، أو طريقة «التبرك والتلقين»، أو طريقة«الإفادة بالهمة والحال»، وهي اصطلاحات لمعنى واحد، ولم يثبت عن أحد منهم على الإطلاق أنه انتهج في التربية الصوفية غير هذا السلوك. وأما ما ذهب إليه الأستاذ محمد المنصور حينما صنف الممارسة الصوفية لشيوخ الزاوية الوزانية إلى مرحلتين اثنتين : مرحلة «طريقة التربية»، وهي التي كانت جارية أيام مشيخة الشيخ المؤسس مولاي عبد الله الشريف، الذي دعاه «شيخ تصوف»،ومرحلة «طريقة التبرك»، وهي التي سادت بعد وفاة هذا الشيخ مع خلفائه، الذين نعتهم بـ«الشيوخ البركة»، أو«شيوخ التسيير»49، لا ينهض على أساس متين. فلو تمعن بشكل دقيق في كتاب «التحفة القادرية»، الذي اعتمده كواحد من مصادر دراسته للممارسة الدينية والاجتماعية للزاوية الوزانية، لتأكد له بشكل صريح أن الشيخ المؤسس مولاي عبد الله الشريف ما اتخذ يوماً طريقة التربية بالاصطلاح منهاجاً لتربية المريدين، ولا حاد عن تعاليم طريقة «التبرك والتلقين» البتة، ولآنْكشفَ له بصورة واضحة أن شيوخ الزاوية الوزانية اللاحقين ساروا على السلوك التربوي نفسه للشيخ المؤسس.
فبعد أن ذكَّر صاحب «التحفة القادرية» بأنواع الطرق عند الصوفية، أتى للحديث عن طريقة الشيخ مولاي عبد الله الشريف فقال : «وقـد أخذ( مولاي عبد الله) جميع ذلك، عدا الطريقة الأولى التي انقطعت وهي طريقة التربية، عن شيخه ابن عطية50... بفاس، لكن لم يأذن له أن يأخذها لأحد بذلك، أو يأخذ ذلك عنه غيره، فلذلك لم ينتسب إليه»51. وفي موضع آخر من الكتاب نفسه يحدثنا القادري بقوله : «والطريقة طريقتان : طريقة الصحبة والاقتداء بالشيخ وتأديبه وتربيته باصطلاحه، وقد انقطعت هذه الطريقة الآن، والطريقة الأخرى هي طريقة التبرك والتلقين والإفادة بالهمة من الشيخ...، وهذه الطريقة عليها العمل اليوم، وهي طريقة مولانا عبد الله بن مولانا إبراهيم الشريف...صاحب وزان»52.
والجدير بالذكر، أن شيوخ طريقة التبرك والتلقين لم يُسقِطوا مبدأ الصحبة من حسابهم كما يتوهم البعض، بل إن للصحبة منزلة خاصة في سلوكهم التربوي، فبها يُرشَد المريد، وتُسدى له النصيحة، ويُؤخَذ بيده، ويُرقَّى في التربية من مقام إلى آخر حتى يصل سالماً غانماً إلى شاطئ الأمان53. وعلى هذا النحو كان دأب شيوخ الزاوية الوزانية على الدوام، فعلاوة على تلقين مريديهم الأوراد والأذكار والأحزاب، والتصدر لتدريسهم علوم القوم، والإذن لهم بتلقين الطريقة لمن يجتمع عليهم من الناس في أوطانهم، أولى هؤلاء الشيوخ منذ البداية اهتماماً كبيراً بمسألة الصحبة في منظومتهم التربوية الصوفية، وهو اهتمام لا يخرج عن نطاق ما دعا إليه الصوفية في القديم من وجوب المسارعة إلى صحبة المشايخ، حتى أنهم كانوا ينظرون بعين الشك والارتياب إلى كل صوفي لم يصحب شيخا من المشايخ يتربَّى به، مستندين في ذلك إلى مقولة الشيخ الصوفي أبي يزيد البسطامي(ت261هـ/875م) : «من لم يكن له أستاذ فإمامه الشيطان»54، كما أن هذا الاهتمام يعزى إلى كون الطريقة الوزانية ترتكز في جانب منها على مخالطة أهل الخير ومجانبة أهل الشر55.
ولذلك نجد مصنفي المناقب الوزانية يؤكدون كثيراً على أهمية الصحبة الصوفية باعتبارها المجال الحيوي الذي يؤدي إلى ترسيخ السلوك الصوفي الصحيح لدى سالكي طريق القوم، وتجسيد هذا السلوك لا يتم إلا بوجود «شيخ ناصح، عارف بتربية الخلق، برهانه واضح»56، وليس كما يعتقد البعض بأن ذلك يتم بواسطة الاستناد إلى كتب التصوف والركون إليها، لأن الناظر في هذه الكتب «لا يهتدي إلى ولي زمانه أبداً، وإن اهتدى إليه لا ينتفع به…، وقياس المتقدمين على المتأخرين قياس باطل، لأن الله يبعث في كل زمان وليا على قدر ذلك الزمان»57. وإلى هذا المعنى ذهب الصوفي أحمد بن عجيبة السالف الذكر حينما أكد أن التصوف «ليس هو اللقلقة باللسان، وإنما هو أذواق ووجدان، ولا يؤخذ من الأوراق، وإنما يؤخذ من الأذواق…، والله ما أفلح من أفلح إلا بصحبة من أفلح»58.
وبالإضافة إلى مهامهم التربوية والعلمية، لم يسقط شيوخ زاوية وزان من حسابهم تعاطي الأسباب أيضاً، من الاشتغال بالفلاحة والتجارة وتربية الماشية وغير ذلك من الأعمال الحرة، فالشيخ المؤسس مولاي عبد الله الشريف لم يعش حياة الكفاف طول حياته، بحيث كان له من الأملاك المتحصلة من تركة والده59 ما سمح له بمتابعة دراسته بتطوان وفاس في ظروف مريحة، فأثناء مقامه كطالب بالمدرسة المصباحية كان يلبس الثياب الفاخرة كما كان يلبس العلماء بفاس60، وتمكن من شراء غرفتين بالمدرسة المذكورة لسكناه، واستغنى عن قبض راتب الأحباس الذي كان يتصدق به أهل فاس على طلبة العلم بالمدارس، بل إنه استخدم خادماً من الطلبة ليطبخ له طعامه61.
ولما استقر بوزان وأخذت طريقته في الاتساع احتاج إلى موارد مادية لسد احتياجات المريدين والزوار من الملجأ والمأكل، فاستصلح الأراضي الزراعية، وبنى الدور والبيوت والأروية، وحفر سواقي الماء، وغرس الأجنة بأنواع الفواكه، واتخذ مواضع لزراعة الخضر، وملك العزائب والضياع، وسهر على تربية الماشية62، كل هذا يدل على أن الشيخ مولاي عبد الله الشريف- على الرغم من تصوفه وزهده، وانشغاله بتربية مريديه- «لم يكن مستعدا للتخلي عن قدر أدنى من سعة العيش»63، وهذا ما يتأكد لنا بشكل جلي من قراءتنا للمتخلف الذي تركه عند وفاته، فقد ترك 1136 شاة من الغنم، و 84 بقرة، ومن الخيل ثمانية، ومن الحمير ثلاثة، ومن العبيد ثلاثة، ومن الأرحية ثمانية64.
وكان الشيخ مولاي التهامي-على الرغم من زهده وتصوفه أيضا- من كبار الأثرياء، فمما ورد في «تحفة الإخوان» أن لهذا الشيخ أراضي فلاحية بقبيلة سطة كانت تستغل في زراعة الحبوب65، وله أجنة وغراسات بوزان66، وفي غيره أنه كان حريصاً على توجيه أبنائه لتعاطي الأسباب حتى لا يقع لهم طمع في الناس67، فمنهم من كان يتعاطى كسب الأصول والأجنة وسكنى البادية، ومنهم من كان يسكن القرى ويتعاطى كسب الماشية والحرث، ومنهم من جمع بين ما ذكر68.
وكان للشيخ مولاي الطيب عزبان وأملاك عديدة بأحواز وزان، والقصر الكبير، وتطوان69، وقطعان الماشية من البقر والغنم70، وقد أشار الطاهري إلى اتساع ثروة هذا الشيخ وتعدد أملاكه بقوله : «فلا تكاد تمر بقطر من الأقطار إلا وتجد له فيه ربعاً وبساتين وثماراً وأشجاراً»71، ويؤيد هذا ويؤكده، ما أورده صاحب «نشر المثاني» عن هذا الشيخ بكونه «احترف الحرث والغرس وكسب الماشية…وملك الأصول»72، وبأن «له مال عريض، قلما تخلو بلاد من مدن المغرب وباديته من أملاكه مما هو معتبر جدا عند أهله»73. وخلافاً لما دأب عليه البعض من التقليل بشأن هذا الشيخفي تربية المريدين، فإن تلامذته ومريديه يعتقدون فيه «القطبانية العظمى» ويصرحون بذلك، وهذا ما شهد به القادري حينما قال : «ولم نر ما ينفي اعتقادهم إلا ما يثبتونه، لما جمع فيه من علو النسب وكمال العرفان والولاية التي لا يبعد من أن تحكي الاتفاق عليها»74.
ويماثل شيوخ الطريقة الوزانية في هذا النهج التربوي، معظم شيوخ الطرق الصوفية الشاذلية بالمغرب وغيره، ممن اقتفوا أثر الكتاب والسنة، والتزموا بمبادئ الإمام أبي الحسن الشاذلي، التي تتلخص في كون التصوف والحياة صنوان لا تعارض بينهما، فقد «سلك الشاذلي مسلكاً فريداً في التصوف لم يسلكه من سبقه في هذا الميدان، حيث دعا جهاراً إلى التنعم بالملابس والمراكب وغير ذلك، وكان...-وهو الشيخ المربي- يلبس الفاخر من الثياب، ويركب الفاره من الدواب، ويتخذ الخيل الجياد. وكان لا يعجبه الزي الذي اصطلح عليه الفقراء، ولا يتخذ المرقعات التي يتخذها الصوفية»75، و حُفِظ عنه قوله لرجل فقير«أنكر» عليه لبس الثياب الفاخرة الجميلة : « لباسي يقول للناس أنا غني عنكم فلا تعطوني، ولباسك يقول إني فقير إليكم فاعطوني»76، وفي هذا أساس ما يسميه البعض بـ« طريقة الشكر» الشاذلية، في مقابل طريقة الزهد والتقشف القديمة77.
ومن بين شيوخ الطرق الصوفية الذين تقيَّد تصوفهم بالكتاب والسنة، وتمثلوا التعاليم الشاذلية في سلوكهم التربوي وفي حياتهم الخاصة-شأنهم في ذلك شأن شيوخ الطريقة الوزانية- يمكن أن نذكر هنا على سبيل المثال فقط لا الحصر، الشيخ الصوفي أحمد بن محمد بن عبد الله مَعْن الأندلسي78، صاحب زاوية المخفية بفاس، الذي كان «من الأعلام المنفردين في زمنه برسوخ القدم في الطريقة، واتِّباع السنة على قدم السلف الصالح...، رأساً في علوم القوم وتحرير عباراتهم، وتدقيق إشاراتهم»79، ومع ذلك كان « يتعاطى الأسباب، ولا سبب له سوى ما يتعلق بماله من أجنة ونحل ونحوها، فيكثر الذهاب لخارج المدينة لمناولة ما يحتاج له، ويباشر أمورها بيده، من زبر دوالي العنب وخدمتها، وتفقد النحل بعمل ما يصلح له، وقطع الشهد وعصره، وغير ذلك من أمور الحراثة وغيرها...، ولا يترك السبب في وقت من الأوقات، حتى إنه إذا لم يخرج خارج المدينة لا تراه إلا منشغلاً بعمل شيء من الآلات التي يحتاجها لمناولة أسبابه إن كانت، وإلا رأيته يفتل العشف بالزاوية أو غيرها، فلا يترك العمل إلا إذا لم يجد شيئاً يصنعه»80.
وخلاصة القول، إن شيوخ «دار الضمانة» كانوا عارفين بالتربية الصوفية، سالكين سبيل الطريقة الجزولية الشاذلية، المبنية على القواعد الشرعية، والسنن المحمدية، والحقائق الربانية، فاحتكوا بالمريدين، وتعاهدوهم بالرعاية والتربية، ولقنوهم الأوراد والوظائف الوزانية، ونظموا المجالس العلمية والصوفية للدلالة على الله، فتخرج على أيديهم كثير من العارفين بالله، فكانوا بذلك أشياخ مربين كغيرهم من مشايخ الصوفية المعاصرين لهم81، بخلاف ما ذهب إليه محمد المنصور من أنه باستثناء الشيخ المؤسس مولاي عبد الله الشريف، فإن باقي خلفاءه عمدوا إلى استثمار شرف نسبهم على حساب الإرث الصوفي، بحيث أصبحوا - برأيه - شيوخ بركة وحسب، يقصدون للتبرك أكثر مما يقصدون للهداية الروحية82. ولم ينس هؤلاء الأشياخ نصيبهم من الدنيا، فتعاطوا الأسباب، وسعوا في الأرض لتحصيل الرزق الحلال، وتنعموا بما تحصل لديهم من النِّعم، لأن التنعم بالنِّعم الناتج عن تعاطي الأسباب هو مبدأ من مبادئ وتعاليم الطريقة الشاذلية، بخلاف التصوف الفلسفي القديم الذي من خصائصه الإعراض عن العمل واللجوء إلى الكسل83.
الهوامش والإحالات :
[1] – هو أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن موسى الشريف الحسني العلمي الوزاني، الشيخ المؤسس للزاوية الوزانية بالمغرب خلال أواسط القرن 11هـ/ ق17م. ولد بقرية تازروت من حوز جبل العلم سنة 1005هـ/1596م ونشأ بها وتعلم، ثم أكمل دراسته بتطوان وفاس، فتخرج عالما متبحرا في العلوم الدينية، وسلك طريق القوم على يد الشيخ سيدي علي بن أحمد الصرصري وإليه انتسب في الطريقة، ثم على يد الشيخ سيدي محمد بن عطية السلوي الفاسي بفاس. توفي بوزان في 12 شعبان سنة 1089هـ/28 شتنبر 1678م. ممن ترجم له : محمد الصغير الإفراني، صفوة من انتشر، تقديم وتحقيق عبد المجيد خيالي، مركز التراث الثقافي، الدار البيضاء، 2004،ص.334؛ محمد بن الطيب القادري، نشر المثاني، تحقيق محمد حجي وأحمد التوفيق، مكتبة الطالب، الرباط،1982، ج2، ص ص.233-236؛ محمد الزبادي، سلوك الطريق الوارية، مخطوط الخزانة العامة، رقم 247 كـ،ص ص.241-244.
2- حمدون الطاهري الجوطي، تحفة الإخوان ببعض مناقب شرفاء وزان، دراسة وتحقيق محمد العمراني، أطروحة جامعية لنيل الدكتوراه في التاريخ، طبعة مرقونة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 2004، ص.345، 552.
3- هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله الشريف الحسني العلمي الوزاني، الشيخ الثاني للزاوية الوزانية. ولد سنة 1040هـ/1630م، ونشأ بوزان وبها درس على يد والده مولاي عبد الله الشريف، وأخذ عنه الطريقة الصوفية، وبعد وفاة والده تصدر للمشيخة، فسهر على تربية المريدين، وتلقين الأوراد والأحزاب والأذكار لمن يفد عليه بزاويته من الوافدين، وانكب على تدريس الحديث الذي كان له فيه صيت كبير. توفي بوزان في ليلة الجمعة 29 محرم عام1120هـ/1708م. ممن ترجم له: محمد بن الطيب العلمي، الأنيس المطرب، المطبعة الحجرية الفاسية، 1897، ص.144، 145، م.القادري، نشر المثاني، ج3، ص.192-195؛ محمد الطالب ابن الحاج، الإشرافعلى من بفاس من مشاهير الأشراف، تحقيق جعفر ابن الحاج السلمي، منشورات جمعية تطاون أسمير، تطوان، 2004، ص.242.
4- حمدون الطاهري الجوطي، تحفة الإخوان...، مصدر سابق، ص.353.
5- هو أبو عبد الله مولاي التهامي بن محمد بن عبد الله الشريف الحسني العلمي الوزاني، الشيخ الثالث للزاوية الوزانية، ولد بوزان سنة 1061هـ/1650م، وبها تلقى تكوينه العلمي والصوفي على يد والده سيدي محمد وجده مولاي عبد الله الشريف حتى صار ينعت بالصلاح والزهد وسعة العلم والتصوف. أخذ عنه كثير من العلماء الأعلام المشهورين. توفي بوزان صبيحة يوم الاثنين فاتح محرم عام 1127هـ/8 يناير1715م. ممن ترجم له:حمدون الطاهري، تحفة الإخوان، ص ص. 375-405؛ م.القادري، نشر المثاني، ج3، ص ص.219-227، م.العلمي، الأنيس المطرب، ص.147؛ محمد بن جعفرالكتاني، سلوة الأنفاس، دار الثقافة، الدار البيضاء، 2004، ج1، ص.108.
6- حمدون الطاهري، تحفة الإخوان...، م.س، ص.375، 387.
7- هو أبو محمد مولاي الطيب بن محمد بن عبد الله الشريف الحسني العلمي الوزاني، الشيخ الرابع للزاوية الوزانية. ولد بوزان عام 1101هـ/1689م ونشأ بها، تتلمذ في التصوف على يد والده الشيخ سيدي محمد، ثم على يد أخيه مولاي التهامي والشيخ محمد بن الفقيه الزجني، وبعد وفاة أخيه مولاي التهامي عام 1127هـ/1715م تولى أمور الزاوية الوزانية التي عرفت في عهده تطورا ملحوظا على المستويين الروحي والمادي. تتلمذ له في التصوف ثلة من كبار علماء المغرب، كالتاودي ابن سودة، ومحمد ابن زكري، وسليمان الحوات، ومحمد بن الحسن بناني، وحمدون الطاهري الجوطي وغيرهم. توفي هذا الشيخ بوزان يوم الأحد 18 ربيع الثاني عام1181هـ/22 غشت 1767م. ممن ترجم له: الطاهري، تحفة الإخوان، ص ص.406-441؛ القادري، نشر المثاني، ج4، ص ص.178-180؛ الزبادي، سلوك الطريق الوارية، ص ص.251-257؛ محمد بن جعفرالكتاني، سلوة الأنفاس،ج1، ص ص.108-109.
8 حمدون الطاهري، تحفة الإخوان...، م.س، ص.406.
9- محمد بن حمزة المكناسي، الكوكب الأسعد في مناقب الشيخ سيدي علي بن أحمد، المطبعة الحجرية الفاسية، 1906،ص ص.80-81.
10- هو أبو العباس مولاي أحمد بن الطيب بن محمد بن عبد الله الشريف الوزاني، الشيخ الخامس للزاوية الوزانية. ولد بوزان، وأخذ عن والده مولاي الطيب وتربى وتأدب به. برع في قرض الشعر وفي التنجيم، وانصرف إلى تنشيط المجال الثقافي بالزاوية، وأوكل إلى ابنه مولاي علي تحمل الأعباء السياسية والاقتصادية في قائم حياته، وربط علاقات متينة مع بعض العلماء وبخاصة مع العالم الدراكة سليمان الحوات. توفي بوزان في 18 صفر عام 1196هـ/1781م. ممن ترجم له: م.القادري، نشر المثاني، ج4، ص ص. 266-267؛ م.الزبادي، سلوك الطريق الوارية، ص.257؛ أحمد بن خالد الناصري، الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1956، ج7، ص.107، ج8، ص.85.
11- محمد بن حمزة المكناسي، الكوكب الأسعد...، م.س، ص ص.83-85.
12- هو أبو الحسن سيدي علي بن أحمد بن الطيب الوزاني، الشيخ السادس للزاوية الوزانية. ولد بوزان وبها نشأ وتعلم، فأخذ العلوم الصوفية عن والده سيدي أحمد وعن جده مولاي الطيب، وأخذ العلوم الدينية عن ثلة من العلماء الأكابر، أمثال محمد الرهوني ومحمد التاودي ابن سودة ومحمد بن الصادق ابن ريسون العلمي، فكان له القدم الراسخ في التصوف والفقه والحديث والأدب والأوفاق. وفي عهده شهدت الزاوية الوزانية ازدهارا لافتا على مستوى الحياة الثقافية والاقتصادية، ونشاطا متميزا على صعيد الحياة السياسية. توفي بوزان يوم 29 ربيع النبوي، عام 1226هـ/1811م. انظر ترجمته عند: محمد المكناسي، الكوكب الأسعد، ص.37 وما بعدها؛ محمدالكتاني، سلوة الأنفاس، ج1، ص.109؛ عبد الإله لغزاوي، الممارسة الثقافية للزاوية الوزانية : معالجة في التفكيك والتركيب، رسالة جامعية لنيل د.د.ع. في الأدب المغربي، طبعة مرقونة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 1996، ص.130.
13- محمد بن حمزة المكناسي، الكوكب الأسعد...، م.س، ص.117.
14- المصدر نفسه، ص.149.
15- المصدر والصفحة نفسها.
16- حمدون الطاهري، تحفة الإخوان...، م.س، ص.418.
17- أنظر : أبو عبد الله الفرويصي، شرح قصيدة أنوار السرائر وسرائر الأنوار للشيخ أحمد بن محمد البكري المعروف بالشريشي. مجموع مخطوط الخزانة العامة، رقم 2309 ك. ص.211.
18- انظر : عبد السلام القادري، التحفة القادرية في ترجمة مولاي عبد الله الشريف ورجال الشاذلية. مخطوط الخزانة العامة، رقم 2321 ك. ج1، ص.76.
19- هو أبو الحسن علي بن أحمد الصرصري. شيخ صوفي، صاحب زاوية صرصر قرب القصر الكبير، أخذ عن الشيخ عيسى بن الحسن المصباحي، وانتسب إليه في الطريقة، وصحب الشيخ أبا المحاسن يوسف الفاسي، فكان يلازمه بالقصر ويرفع نعليه إذا دخل إلى الجامع للإقراء، فإذا خرج منه مَدَّهما له. توفي عام 1027هـ/1618م. انظر : عبد الرحمن الفاسي، ابتهاج القلوب بخبر الشيخ أبي المحاسن وشيخه المجذوب، دراسة وتحقيق حفيظة الدازي، رسالة جامعية لنيل د.د.ع. في التاريخ، طبعة مرقونة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 1991، ص.402؛ عبد الله الفاسي، الإعلام بمن غبر من أهل القرن الحادي عشر، دراسة وتحقيق فاطمة نافع، رسالة جامعية لنيل د.د.ع. في التاريخ، طبعة مرقونة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 1992، ص ص.162-163.
20- هو أبو عبد الله محمد المدعو الحاج الخياط الرقعي الفاسي، فقيه من المشايخ، تتلمذ في التصوف على الشيخ مولاي عبد الله الشريف الوزاني ولازمه في السفر والحضر، ثم أذن له في تأسيس زاوية وزانية بفاس، فجعل يعطي بها الأوراد، ويطعم الطعام للوُرَّاد، وبعد وفاة شيخه مولاي عبد الله أخذ عن ولده سيدي محمد فأقره على رأس الزاوية المذكورة، ولم يزل متحملا لهذه المهمة إلى أن توفي ليلة الثلاثاء 12 محرم سنة 1115هـ/1703م، ودفن بزاويته بالشرشور من فاس القرويين. انظر ترجمته عند : حمدون الطاهري، تحفة الإخوان، ص ص.467-485؛ م.القادري، نشر المثاني، ج3، ص.149.
21-حمدون الطاهري، تحفة الإخوان...، م.س، ص.553.
22- المصدر والصفحة نفسهما.
23- انظر : عبد السلام القادري، التحفة القادرية...، م.س، ج1، رقم 2321ك، ص.60؛ ج2، رقم 2310ك، ورقة 187(ظهر).
24- انظر : أحمد بن محمد ابن عجيبة التطواني، الفتوحات الإلهية في شرح المباحث الأصلية، تحقيق عبد الوارث محمد علي، دار الكتب العلمية، بيروت، 2000، ص.63.
25- المصدر والصفحة نفسهما.
26- المصدر والصفحة نفسهما.
27 – أحمد ابن عجيبة التطواني، إيقاظ الهمم في شرح الحكم، دار المعارف، القاهرة، 1985، ص.514.
28- أحمد ابن عجيبة التطواني، الفتوحات الإلهية...، م.س، ص.64.
29- المصدر نفسه، ص.11.
30- المصدر والصفحة نفسهما.
31- المصدر نفسه، ص.12.
32- المصدر والصفحة نفسهما.
33- المصدر نفسه، ص.14.
34- التهامي الوزاني، الزاوية، تطوان، 1942، ص.119.
35- المرجع نفسه، ص.169.
36- أحمد ابن عجيبة، الفهرسة، تحقيق وتقديم عبد الحميد صالح حمدان، دار النشر العربي، القاهرة، 1990، ص.57.
37- المصدر نفسه، ص.58.
38-المقصود هو الفقيه العالم المحدث أبو محمد عبد السلام جسوس، كان من علماء فاس الذين رفضوا التوقيع على ديوان الحراطين، وأفتوا بعدم جواز تمليك هؤلاء الحراطين شرعا لكونهم أحرار، فَجَرَّ عليه موقفه هذا نقمة السلطان مولاي إسماعيل، فامتحن امتحانا عسيرا، وانتهى الأمر بوفاته قتيلا بسجن فاس ليلة الخميس25 ربيع الثاني عام1121هـ/1709م. انظر : م.القادري، نشر المثاني، ج3، ص ص.207-208؛ م.الكتاني، سلوة الأنفاس، ج2، ص ص.17- 19.
39- خالد الرامي، تطوان خلال القرن الثامن عشر : تاريخ وعمران، مساهمة في دراسة المدينة المغربية، مطبعة الخليج العربي، تطوان، 2005، ص.93.
40- محمد بن محمد التازي المكودي، الإرشاد والتبيان في رد ما أنكره الرؤساء من أهل تطوان، مجموع مخطوط الخزانة العامة، رقم 1856د، ص.206.
41- المصدر نفسه، ص.207.
42- محمد المنصور، المغرب قبل الاستعمار : المجتمع والدولة والدين 1792-1822، ترجمه عن الإنجليزية محمد حبيدة، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، الطبعة الأولى 2006، ص.283.
43- التهامي الوزاني، الزاوية، م.س، ص.169.
44- المرجع والصفحة نفسهما. .
45- المرجع نفسه، ص.112.
46- يقصد بذلك الثورة الفرنسية التي اندلعت عام 1203هـ/1789م.
47- عبد السلام بن أحمد السكيرج، نزهة الإخوان في أخبار تطوان، تقديم وتحقيق يوسف احنانة، مطبعة الخليج العربي، تطوان، 2005، ص.102.
48- نذكر من بين هؤلاء على سبيل المثال فقط لا الحصر، الفقيه الصوفي أحمد بن أبي محلي السجلماسي(ت.1022هـ/1613م)، الذي تمرد على «الأحوال» معتبرا إياها «بحر من الطمع، من هام فيها وقع في البدع»، وأنها «تحفظ ولا يقاس عليها، بل قد يلتذ بسماعها، ولا يعول عليها، لأن أكثرها زائف وزائل». ولهذا نجده يتبرأ من تجربته الصوفية السالفة قائلا: «فما صدر منا في الأحوال فسبيله التوقف...فمن سمع مني شيئا فيه أو في غيره فلا سامحني فيه البتة». راجع : عبد المجيد القدوري، ابن أبي محلي الفقيه الثائر ورحلته الإصليت الخريت، منشورات عكاظ، الرباط، 1991، ص ص.80-82.
49- محمد المنصور، تصوف الشرفاء : الممارسة الدينية والاجتماعية للزاوية الوزانية من خلال مناقبها، في ندوة: التاريخ وأدب المناقب، منشورات عكاظ، الرباط، 1989، ص.16، 18، 19، 22.
50- هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن علي بن عطية السلوي الفاسي، شيخ صوفي شهير، درس عليه الشيخ مولاي عبد الله الشريف بفاس وتخرج به في العلم والعرفان، فكان ابن عطية ينوه بأمره ويخبر أصحابه بأنه هو رأس العارفين في زمنه. توفي بفاس سنة 1052هـ/1643م، ودفن بحي الرميلة من عدوة فاس الأندلس. انظر : الإفراني، صفوة من انتشر، ص.155 ؛ م.القادري، نشر المثاني، ج2، ص ص.24-25؛ عبد الله الفاسي، الإعلام بمن غبر، ص.182.
51-عبد السلام القادري، التحفة القادرية...، م.س، ج1، ص.60.
52- المصدر نفسه، ج2، ورقة 187(ظهر).
53-حمدون الطاهري، تحفة الإخوان...، م.س، ص.348، 411، 419 ، 486، 492، 493، 500، 547.
54- أحمد ابن عجيبة التطواني، الفتوحات الإلهية...، م.س، ص. 74.
55- حمدون الطاهري، تحفة الإخوان...، م.س، ص.552.
56- المصدر نفسه، ص.269.
57- المصدر نفسه، ص.489.
58- أحمد بن عجيبة التطواني، إيقاظ الهمم...، م.س، ص. 23؛ الفتوحات الإلهية...، م.س، ص.104.
59- ذكر عبد السلام القادري أن والد مولاي عبد الله الشريف ترك بعد وفاته عام 1117 هـ/1608م ميراثا كافيا أبعد ولده عبد الله عن حياة الخصاصة وحاصله : «دار سكناه بقرية تازروت، وعرصة مغروسة بدوالي العنب وأشجار الكرم، وزريبة نحل، ونحو المائتين من المعز، وغابة زيتون، ودابتان، ونحو عشرة من البقر، ونحو مائة مثقال دراهم». راجع: عبد السلام القادري، التحفة القادرية...، م.س، ج1، ص.47.
60- المصدر نفسه، ج1، ص.46.
61- المصدر نفسه، ج1، ص.49.
62- المصدر نفسه، ج1، ص.72، 83.
63- م.المنصور، تصوف الشرفاء ...، م.س، ص.17.
64- ع. الوزاني، الروض المنيف...، م.س، ج1، ورقة 24 (وجه).
65- حمدون الطاهري، تحفة الإخوان...، م.س، ص. 398.
66- المصدر نفسه، ص.512.
67– م. القادري، نشر المثاني...، م.س، ج4، ص.258.
68- ع.الوزاني، الروض المنيف...، م.س، ج1، ورقة 135 (وجه).
69- حمدون الطاهري، تحفة الإخوان...، م.س، ص.391، 411، 429.
70– المصدر نفسه، ص.409
71- المصدر والصفحة نفسهما.
72– م. القادري، نشر المثاني...، م.س، ج4، ص.178.
73- م. القادري، التقاط الدرر، ومستفاد المواعظ والعبر، من أخبار أعيان المائة الحادية والثانية عشر. تحقيق هاشم العلوي القاسمي، دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1983، ص.448.
74 – م. القادري، نشر المثاني...، م.س، ج4، ص.179.
75- عبد المجيد الصغير، إشكالية إصلاح الفكر الصوفي في القرنين 18 و19م، دار الآفاق الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الثانية 1994، ص.32.
76– عبد اللطيف الشاذلي، التصوف والمجتمع : نماذج من القرن العاشر الهجري، منشورات جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، مطابع سلا، 1989، ص.153.
77 - عبد المجيد الصغير، إشكالية إصلاح الفكر الصوفي...، م.س، ص.32.
78 – هو أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله مَعْن الأندلسي، أحد كبار شيوخ التصوف بفاس، وصاحب زاوية المخفية بها. ألف عبد السلام القادري في مناقبه مؤلفا سماه «المقصد الأحمد في التعريف بسيدنا ابن عبد الله أحمد»، وإلى جانب تصوفه، لعب هذا الشيخ دورا سياسيا مهما خلال عهد السلطان مولاي إسماعيل. توفي بفاس عام 1120هـ/1708م. ممن ترجم له : الإفراني، صفوة من انتشر، ص ص.362-363؛ م.القادري، نشرالمثاني، ج3، ص ص.182-192؛ أحمد بن محمد الولالي، مباحث الأنوار في أخبار بعض الأخيار، دراسة وتحقيق عبد العزيز بوعصاب، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 1999، ص ص.292-296.
79 - م. القادري، نشر المثاني...، م.س، ج3، ص.182، 190.
80– عبد السلام بن الطيب القادري، المقصد الأحمد في التعريف بسيدنا ابن عبد الله أحمد، المطبعة الحجرية الفاسية، 1932، ص.99.
81– تواتر الخبر عن الشيخ المؤسس مولاي عبد الله الشريف أنه «لم يمت حتى ترك من الرجال العارفين خمسمائة واحد كلهم يدلون على الله ويوصلون إليه». راجع : حمدون الطاهري، تحفة الإخوان...، م.س، ص.330.
82– محمد المنصور، تصوف الشرفاء...، م.س، ص.18؛ المغرب قبل الاستعمار...، م.س، ص.275؛ مادة «الوزانية-الزاوية»، في معلمة المغرب، المجلد 22، إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، نشر مطابع سلا، 2005.
83–التهامي الوزاني، الزاوية، م.س، ص.144.
تعريف الطريقة الطيبية فى الجزائر
تاسيس الزاوية الطيبية
تعتبر الزاوية الوزانية من الزوايا المتأسسة في الزمن الأوسط الى جانب الزاوية الحمدوشية والزاوية الغازية والزاوية الصادية في حين نجد زوايا الوسط الأول تتمثل زوايا القرن العاشر كالزاوية العيساوية التي أسسها سيدي محمد (فتحا) بن عيسي المتوفي سنة 932 هـ بمدينة مكناس أما زاوية الزمن الأخير فتم تأسيسها في القرن الثاني عشر الهجري فما فوق كالزاوية الدرقاوية والزاوية التيجانية والزاوية الكتانية ... والجدير بالذكر أن الزاوية الوزانية انبتقت الى الوجود في المنتصف اللأول من القرن الحادي عشر الهجري والنصف الاول من القرن السابع عشر الميلادي مع أواخر الدولة السعدية وميلاد الدولة العلوية وذلك على يد م سسها مولاي عبد الله الشريف العلمي اليملحي الوزاني وبذل جهودا جبارة في سبيل انشائها ويأتي انشاء الزاوية الوزانية في مرحلة مهمة من حياة هذا الرجل الصوفي المشهور بغزارة علمه وواسع اطلاعه وكثرة زهده ونكسه فبعد ولادته "بتازروت" بجبل العلم غير بعيد عن ضريح مولاي عبد السلام بن مشيش وبعد دراسته للعلم بفاس وتطوان وملازمته لشيخه سيدي علي بن احمد الصرصري وتعبده بمدشر "شكره" بمصمودة انبري لتاسيس الزاوية الوزانية بامر من النبي صلى الله عليه وسلم اثر كرامة ربانية خصه الله تعالى اذ شاهد الرسول يقظة وشافهه في التصدي لاستقبال الخلق وارشادهم الى مافيه صلاح دنياهم واخراهم ةقد كان تاسيس الزاوية الوزانية حولي عام 1059 ه – 1659 م في مرحلة حرجة من تاريخ المغرب والعالم الاسلامي ففي هذه الفترة من الزمن اشتد التسابق البرتغالي والاسباني على احتلال الجيوب الساحلية واحتدمت الصراعات بين الدويلات المنشقة وبروز ضعف السعديين وظهور الدولة العلوية بوصفها قوة جديدة تعمل جهد المستطاع على راب الصدع وجمع شتات الامة تحت كلمة واحدة ولواء واحد وكان لحضور التصوف اثره الحاسم في استنفاز الناس للجهاد ورد الاعتبار للذات المتازمة اذ استطاعت الزوايا ان تهدئ الاوضاع وتلعب دورا اجتماعيا فاحسنت الى الناس في زمن المجاعات والكوارث الطبيعية واوتهم واشاعت الطمانينة في انفسهم زمن الحروب
قطب الزاوية الطيبية مولاي عبد الله الشريف
هوالوالي الصالح و القطب الواضح العارف الرباني الناصح مولاي عبد الله الشريف العلمي اليملحي الادريسي يتصل عمود نسبه بالمولى ادريس الاول حسب هذا العمود : عبد الله بن ابراهيم بن موسى بن الحسن بن موسى بن ابراهيم . بن عمر احمد بن عبد الجبار بن محمد . بن يملح بن مشيش بن ابي بكر بن علي . بن حرمة . بن عيسى . بن سلام . بن مزوار . بن حيدرة بن محمد بن ادريس الثاني بن ادريس الاول . ولد بتازروت العلمية عند سفح جبل بوهاشم عام 1005 ه – 1596 م و بها تلقى تكوينه الاول . و شد الرحال الى فاس و تطوان فنال تكوينا ر صينا في مختلف العلوم الدينية و اللغوية و اتصل بشيخه سيدي علي بن احمد اللنجري المتوفى 1027ه فاخذ عنه الطريقة الصوفية الجزولية الشاذلية وساح البلاد و دخل الخلوة بمدشرشكرة و بأمر نبوي انشأ الزاوية فانتقل في البداية الى مدشر الميقال ثم الى وزان و بها حط الرحال حيث تصد لأعطاء الأوراد . و اطعام الطعام . و تدريس العلم و استقبال المريدين . و بقي في القطبانية ازيد من ثلاثين سنة و نال شهرة واسعة في الاوساط المغربية و حجت الوفود اليه للاستفادة من علمه و التزويد من بركته . ادركته الوفاة عام 1089ه 1678م و له ضريح مقصود للزيارة و التبرك مولاي الطيب و الطريقة الطيبية : ترجع هذه الطريقة في أصلها الى مؤسسها الفعلي و الروحي الشيخ مولاي الطيب بن سيدي محمد بن سيدي مولاي عبد الله الشريف الوزاني. مولده : ولد الشيخ الفقيه سيدي مولاي الطيب بن سيدي محمد بن سيدي مولاي عبد الله الشريف الوزاني . عام 1101ه – ت 1181ه بمدينة وزان بشمال المغرببشمال المغرب
نسبه الطيني
ترجع سلالته الى الشيخ مولاي محمد 1040ه-1120ه و هو العلامة الصوفي مؤسس الزاوية الوزانية منذ اربعة قرون بوزان مولانا عبد الله الشريف العلمي الذي ولد عام 1005ه بتزرون قبيلة بن عروس بشمال المغرب بجبل العلم و توفي ليلة الخميس او الجمعة 12 شعبان عام 1089. – بزاويته وهو ابن نلاي ابراهيم التازي العلمي (ت 1017ه) وهوابن سيدي موسى (الثاني)ابن سيدي الحسن بن سيدي موسى ( الاول) بن سيدي ابراهيم ( الاول) ابن سيدي يملح المعو المليح وهو اخ المولاي عبد السلام بن مشيش ابن سيدي مشيش العلمي بن سيدي ابا بكر بن سيدي علي (المثنى) بن سيدي حرمة بن سيدي سليمان (المدعو سلام) ابن سيدي مزوار بن سيدي علي (الاول) المدعو حيضرة ابن سيدي محمد بت الامير مولاي ادريس الازهر بن الامير مولاي ادريس الاكبر ابن سيدي عبد الله الكامل بن مولاي الحسن المثنى ابن مولاي الحسن السبط ابن المام علي كرم الله وجهه ومولاتنا فاطمة الزهراء بنت سيدنا ومولانا محمد الرسول صلى الله عليه وسلم
اوراد الطريقة الطيبية
اعتمدت الطريقة الطيبية مثلها مثل الطرق الصوفية المنتشرة بالجزائر اورادا واذكارا تكاد تشبه اوراد واذكار باقي الطرق الاخرى فاعتمدت مثلا اوراد الطريقة الشالية وبعض فروعها مثل الحزب الكبير وحزب البحر ووظيفة الشيخ زروق ودلائل الخيرات وحزب الفلاح كما اعتمدت ايضا الصلاة المشيشية وحزب الامام النووي كما وضع مؤسسها عبد الله الوزاني حزبا ووردا منسوبين اليه9 وكان اتباعها بالشرق الجزائري (قسنطينة) يقراون غوثية مطلعها باسم الاله نبتدي الغوثيه مصليا مسلما بالنية ويتكون هذا الورد في غالبيته من جمل وعبارات دينية يرددها الاخوان اثناء الصلوات غالبا منذ لك تسبيح الله وحمده ( سبحان الله وبحمده ) مائة مرة صباحا ومساء والصلاةعلى الرسول صلى الله عليه وسلم وازراجه وذريته خمسين مرة صباحا وعبارة اللهم صل على سيدنا محمد النبي الامي وعلى اله وصحبه وسلم ) مائة مرة صباحا ومساء والشهادة (لا اله الا الله ) مائة مرة صباحا ومساء كما حافظت زوايا الطريقة الطيبية بالجزائر على تبعيتها للزاوية الام بوزان نكانت لها بذلك ارااضي زراعية شاسعة بجوار منطقة بوغرارة وتلمسان وقد استطاع الشيخ سيدي الحسني الذي ينحدر من سلالة الشيخ الشريف الوزاني مولاي عبد الله الشريف الذي ورث العلم منوالصلاح على منهاج المتصوفة فراح ينشر اعلم والمبادئ الطريقة الطيبية بين اوساط اهل الجزائر غربها وشرقها وشمالها وجنوبها متمسكا في ذلك كله بتدريس كتاب الله وسنة نبييه صلى الله علية وسلم الى جانبى تدريس علوم الفقه والشريعة
استمرارية الطريقة
تعد الطريقة الطيبية معلما من المعالم التصوف بالمغرب الاقصى والاوسط كم تعد ايضا من بين المقومات الروحية والدينية والثقافية والاجتماعية والسياسية بل وحتى الاقتصادية ولم تقتصر اي طريقة على الجماهير العامة بل صارالسند العلمي والسند في الاذن الصوفي يكادان يقترنان بالتصوف والطرقية في كثير من تراجم الاعلام فكان التصوف عموما من معطيات الاشعاع المغاربي في اتجاه الشرق تاسست الطريقة في بداية امرها بوزان والتي كانت تعرف بدار الضمان بالمغرب الاقصى مشهورة عند عامة الناس ومالوفة عندهم وضمانة المحبين لاهلها خصوصا
مولد الشيخ الحسني
ولد الشيخ سيدي الحسني في حدود عام 1227 هـ الموافق لعام 1812 مبمدينة وزان بالمغرب وهناك تزوج بالشريفة رقية بنت الشريف الحاج عبد الله بن محمد التوهامي بن علي بن احمد بن القطب الرباني مولاي الطيب وانجبت له رحمة ومحمد واحمد والتوهامي وزينب والعربي. وفي عام 1287 هـ الموافق لعام 1872انتقل الشيخ سيدي احمد الحسني من وزان الى الجزائرواستقر بوهران مع زوجته رقية التى توفيت قبله بسنتين في حدود عام 1319هــ الموافق لعام 1901 فتزوج بعدها بآمة الله زوليخة بنت عبد الله بن داود فأانجبت له رغم كبره محمد التومي وقد مات صغيرا هو وأخته التومية فاطمة وشقيقتها خدوجة ولم يعيش من الأولاد والبنات المذكورين سوى أحمد وشقيقته زينب ان الشيخ الحسني كباقي العلماء المتعطشين لنهل العلم من افواه العلماء فقد صال وجال الشيخ بين بلدان واقطار العالم الاسلامي فدرس في كل من القرويين وجامع الزيتونة وهذا ما اهله فيما بعد الى تاسيس زاويته الشهيرة والتي هي امتداد للطريقة الطيبية فالتف حوله المريدون والاتباع لينهلوا من علمه وبركته
نسبه
ويعود نسب الشيخ سيدي الحسني حسب وثيقة مخطوطة عثر عليها عند احد احفاده الى ابراهيم بن موسى بنبن الحسن بن اراهيم بن عمر بن احمد بن عبد الجباربن محمد بن يصلح بن مشيش بن ابي بكر بنعلي بن حرمة بن عيسى بن سلام بن مزور بن حيدرة بن محمد بن ادريس الاصغر بن ادريس الاكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن بن الحسين بن علي وفاطمة الزهراء رضي الله عنهم جميعاتوفي الشيخ في عام 1321 هـ الموافق لعام 1903 م بوهران عن عمر يناهز 94 سنة ودفن بزاويته الكائنة قرب المدينة الجديدة
عمي موسى والزاوية الطيبية
لا يجد المار قبالة زاوية سيدي الحسني ما يثلج صدره من اصوات حفظة القرأن – الطلبة- من مختلف الاعماريسهر على تعليمهم الشيخ سي عبدالقادر بن فتاح-شرشار- رحمه الله او حركة تلك المراة الطيبة التي سخرت نفسها لخدمة الزاوية انها التوتية رحمها الله حيث كانت يوميا تنظف المكان و توقد شموعا داخل الغرفة الكائنة في المدخل العلوي للزاوية يسارا اين يوجد ضريحان يقال انهما لبنتين للشيخ احمد الحسني وفتهما المنية اثر وباء الطاعون الذي اصاب المنطقة وقد كانت السلطات الفرنسية انذاك قد امرت الاهالي بعرض كل من يتوفى بهذا الوباء على الطبيب لكن الشيخ احمد الحسني رفض عرض جسدي ابنتيه المسلمتين امام كافرفدفنتا في المقر كما كانت تقام حلقات القرآن والذكر والمديح واحتفالات بمناسبة وعدة الولي الصالح حيث كانت تقام الحضرة وسط زغاريد النسوة وتذبح الذبائح ويطعم منها ابن السبيل وتقدم المأكولات والحلويات من مختلف الأنواع، بعدها يتم طهيها أسابيع قبل انطلاق الاحتفالاتكلماتالحسرة على أيام زمان حين كان يجتمع الجمع في زاويةالولي الصالح كل سنة وتعم تلاوةالقرآن الكريم• ولم تكن تتوقف طلقات البارود والزغاريد والمدح وتلاوة القرآن وتقديم عروض فلكورية لمختلف الطبوع خاصة الصحراوية منها•
سكان عمي موسى الذين يتذكرون موسم سيدي الحسني خلال السنوات الماضية لا يتصورون اليوم حالها، حيث لم يجد الزائرون قطرة ماء تروي عطشهم بالزاوية بعدما عادت مكانا لإقامة السكان المتواجدين بمكان الزاوية، ''كل شيء تغير ولم يعد له طعم مثل أيام زمان''، ايام التوتية تلك المراة التي كانت تسهر على خدمتها وبعض المشايخ لتتحول اليوم هذه ''المنارة'' إلى ألعدم، حيث أقيم في جزء منها محل تجاري وجزء منها هو سكن لاحدى العائلات وصارت بعيدة كل البعد عن النهج الذي وجدت من اجله رغم ان الزاوية المركزية لسيدي الحسني الكائنة بوهران لا زالت قائمة ولها ميزانيتها الخاصة فانه لمن المؤسف ان نرى هذا التجاهل لهذا الرمز من موروثنا فلم تعود الزاوية منهلا لطلبة العلم والمعرفة ليقتدي الجيل الصاعد بما تركه الأجداد، بعدما شكلت في السابق مركز إشعاع علمي وديني وهذا لعراقتها ومحافظتها على الأصالة والتراث والدور التربوي والروحي الذي قامت بتأديته
ويتحسر اليوم سكان عمي موسى ممن عايشوا أيام زمان عندما كان البارود والخيّالة من الفرسان ورجال البلادلبني وراغ وغيرها من المدن حتى أن الوافدين يقبلون على وعدة زاوية سيدي الحسني من شتى الاصقاع المجاورة ليحضروا الوعدة التي كانت تذبح فيها الذبائح وتوزع على الفقراء وعابري السبيل والتي تبقى صورا تحفظ اليوم في الذاكرة عند المسنين إلا أن المار في شارع الملازم سيد احمد المؤدي الى المسجد العتيق قدوما من الجنوب مرورا بالمقام الطيب الشيخ سيدي الحسني لا يجد أمامه إلا الجدران والأبواب موصدة لا يدخلها إلا القاطنون بها أو المعارف، او القاصدون لذلك المحل التجاري الدي اقيم فيها وهنا تجدر الاشارة الى ان الشارع سمي باسم احد ابناء العائلة وهو الشهيد سيد احمد الذي استشهد خلال الثورة التحريرية المباركة في ضواحي مدينةالبليدة
لقاء الشيخ سيدي احمد بلحسن بالامام بن باديس
بعد وفاة الشيخ الحسني ومواصلة لحمل مشعل العطاء الروحي والسلوك التربوي يخلفه ابنه الشيخ سيدي احمد بلحسن المولود عام 1868 والمتوفي يوم 28 ديسمبر من عام 1936 م على الساعة الرابعة صباحا عن عمر ناهز ثمانية وستين عاما والمدفون بزاوية ابيه في مدينة وهران وقد خلف ولدين هما سيدي محمد ومولاي عبدالله المتوفي يوم السبت 4 ديسمبر من عام 1999 والموجود ضريحه في زاوية سيدي الحسني بوهران حيث خلف بدوره ابنه البكر مولاي احمد بدر الدين والابن الاصغر مولاي الطيب تقلد مسؤولية الزاوية وهو شاب لا يتجاوز عمره الخامسة والثلاثين على راس الطريقة الطيبية في سبيل نشر العلم ومقاومة المستعمرفلقد كانت له عدة لقاءات مع الشيخ عبد الحميد بن باديس خلال زيارته الى مدينة وهران عام 1930 قبل عام من تاسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين مرورا بمليانة والأصنام وغليزان ومدينة عمي موسى قرب وادي ارهيو في بداية 1930حيث بنى بها زاوية تابعة للطريقة الطيبية والتي التحق بها العديد من المريدين والاتباع ومن اجل الحفاظ على موروثنا الثقافي بما يحويه من عادات وتقاليد واعراف تخدم الدين والوطن بقي احفاده يسيرون على نفس النهج الذي سلكه مشايخ الطريقة فراحوا يقيمون وعدة سنوية او حفلا سنويا يجمع كل مريدي الطريقة الهبرية والطرق الاخرى واتباعهم . ومما يميز هذا الاحتفال هو ذلك الجانب الروحي الذي يعيشه مشايخ الطرق والطلبة والمريدون والاتباع في تلاوة القران الكريم او ما يعرف بالسلكة من بداية اليوم الاول الى اليوم الثاني وهو جو روحاني يجعل المرء يعيش تحت ضلال القرآن الكريم. وهذا يبرز التفاعل مع المجتمع ، ذلك التفاعل المؤسساتي الاجتماعي التاريخي والفكري التأثري،فالتصرف هذا ارتبط بتجربة الاسلام الروحية فتبرز المحبة والاخوة والتكافل الاجتماعي بين افراد المجتمع الواحد وعليه فان شخصية الشيخ سيدي الحسني يمكن اعتبارها معيار من معايير السلوك والقيم التي تظهر ادوارها الدينية جلية وتتعلق كلها بالعمل والفعل والقول والتاثير والقدوة على دمج مجتمع لتنصهر بداخله تيارات مختلفة في اطار الاسلام وحضارته وتاريخه ، وهو دور بارز حتى ولو قيس بادوار الفاعلين الاخرين كالحكام والعلماء والأمراء. وعلى هذا الأساس ارتبط الشيخ سيدي أحمد الحسني بالطريقة الطيبية كون أن هذه الأخيرة لها عراقة كبيرة فلقد انحدر منها الشيخ سيدي الحسني وراح يدعو اليها على مستويات مختلفة مستحضرا عدة حقائق تعرف بثمار التحقق الوجداني التوحيدي مقرونا بعبارات التوحيد المجازية، ومما يمكن الاشارة اليه ان العبرة ليس بمنطوقها بقدر ما يعتبر بثمارها السلوكيةالمستحضرة لمعاني الله في توحيده الخالص ، سنده في الطريقة
img_20151004_0001.pdf | |
File Size: | 2568 kb |
File Type: |